قوله : (إنّ النهي كالأمر في عدم الدلالة على التكرار ... الخ.)
يمكن تقرير النزاع في ذلك على نحو الأمر فيكون الكلام في وضع الصيغة له ، فالقائل بدلالتها على الدوام يقول بوضعها لخصوص ذلك ، والقائل بكونها للأعمّ يجعل مفادها مجرّد ترك الطبيعة في الجملة. ويمكن تقريره في الدلالة الالتزاميّة فيقال : إنّ النهي موضوع لطلب ترك الطبيعة ، لكن هل يستلزم ذلك الدوام والتكرار أو لا بل هو أعمّ من الأمرين؟ وعلى هذا فيجري الكلام في كلّ طلب متعلّق بالترك وإن كان بصيغة الأمر ك «اترك» و «انته» و «كفّ» ونحوها وكذا في مادّة النهي ك «أنهاك عن كذا» أو «نهانا عن كذا» ونحو ذلك ، ويخرج عنه ما يكون أمرا بصورة النهي نحو «لا تترك» ويمكن تقرير النزاع في الأعمّ من الوجهين المذكورين فيصحّ للقائل بدلالتها على الدوام الاستناد إلى كلّ من الوجهين المذكورين فلابدّ للنافي من إبطال كلّ منهما ، والظاهر البناء في تحرير محلّ النزاع على أحد الوجهين الأخيرين.
ثمّ إنّ المقصود بالتكرار هنا هو خصوص الدوام ، لا مسمّى التكرار كما مرّ احتماله في الأمر ، وإن كان الظاهر هناك أيضا خلافه ، ولذا عبّروا هنا عن التكرار بالدوام. ثمّ إنّ المقصود بالدوام هل هو خصوص التأبيد والدوام مدّة العمر أو يرجع فيه إلى العرف؟ فيختلف بحسب اختلاف الأفعال والأحوال وجوه : أظهرها الأخير.
وهل المطلوب حينئذ خصوص الترك المستدام فيتوقّف حصول الامتثال على ترك الكلّ من غير أن يحصل هناك امتثال بالنسبة إلى خصوص التروك الحاصلة في كلّ من الأزمنة ، أو أنّ كلّ ترك منها مطلوب في نفسه مع قطع النظر عن انضمام الآخر إليه؟ فينحلّ ذلك إلى تكاليف عديدة ، وإن عبّر عن الكلّ بتعبير واحد ، وجهان : أظهرهما الثاني كما يشهد به العرف.
وهل الكلام في وضع الصيغة المطلقة للدوام أو لما يستلزمه؟ فلا تجري في النواهي المقيّدة بزمان خاصّ ، أو في وضع مطلق الصيغة؟ فيلزم التجوّز في بادئ