قوله : (الأقرب عندي أنّ تخصيص العامّ.)
لا يخفى أنّ ظاهر إطلاقهم في العنوان ثبوت الخلاف في حجّية العام المخصّص مطلقا سواء كان التخصيص بطريق الإخراج من غير تعيين للباقي أو بتعيين الباقي في بعض أفراده ، متّصلا كان كالتخصيص بالوصف أو الشرط ونحوهما أو منفصلا كما إذا فسّر العامّ بالخاصّ. والظاهر كما يتبيّن من ملاحظة الأدلّة اختصاص الخلاف بالصورة الاولى ، وأمّا الثانية فلا مجال للخلاف فيه ، لوضوح دلالته وصراحته في تعيين المراد بالعامّ ، ولا خلاف أيضا في عدم حجّية العامّ المخصّص بالمجمل مع تسرية إجماله إلى العامّ مطلقا ، كما في «أكرم القوم إلّا بعضهم» أو «أردت به بعضهم» ومن ذلك قوله : ولو قضي بإجمال بعض الأنواع المندرجة في العامّ سقط العامّ عن الحجّية بالنسبة إليه ، كما لو قال «اقتل المشركين إلّا بعض اليهود» ولو صدق المخصّص حينئذ على الأقلّ والأكثر لم يقتصر فيه على الأقلّ ، فيحكم بالرجوع إلى حكم العامّ بالنسبة إلى الباقي.
قوله : (لنا القطع ... الخ.)
وقد يحتجّ عليه بوجوه اخر :
منها : أنّ المقتضي للحجّية في الباقي موجود والمانع مفقود فوجب حصوله.
أمّا الأوّل : فلوجود اللفظ الموضوع للعموم وهو مقتض لثبوت الحكم لجميع أفراده الّتي من جملتها الباقي.
وأمّا الثاني : فلأنّ قضية التخصيص نفي الحكم الواقع من المتكلّم عن محلّ التخصيص، وظاهر أنّ نفيه في مورد التخصيص لا يفيد نفيه عن غيره ، ولذا يصحّ التصريح بانتفاء الحكم في محلّ التخصيص وثبوته فيما عداه.
كيف! ولو أفاد التخصيص نفيه من غير محلّ التخصيص أيضا (١) هذا خلف.
وفيه : المنع من وجود المقتضي ، لأنّ المقتضي لإفادة الحكم في الباقي هو العامّ على فرض إرادة العموم منه ، وأمّا مع عدم إرادته كما هو المفروض في المقام فلا.
__________________
(١) الظاهر : فيسقط من قوله لكان التخصيص بالمستوعب.