العلم فكذا الحال لو قلنا بقيام الدليل القاطع على حجّية مطلق الظنّ ، فإنّ الحكم هناك إنّما يتبع ذلك الدليل القاطع لا مجرد الظنّ الحاصل المتعلّق بثبوت الحكم ، وهو ظاهر.
وربّما توهّم متوهّم حجّية الظنّ من حيث هو ظنّ من دون انتهائه إلى اليقين ، وهو ضعيف سخيف قد ظهر فساده ممّا بيّناه وربّما يؤول كلام قائله بما يرجع إلى ما ذكرناه.
ـ رابعها ـ
أنّ المناط في وجوب الأخذ بالعلم وتحصيل اليقين من الدليل هل هو اليقين بمصادفة الأحكام الواقعيّة الأوليّة إلّا أن يقوم الدليل على الاكتفاء بغيره ، أو أنّ الواجب أوّلا هو تحصيل اليقين بتحصيل الأحكام وأداء الأعمال على وجه إرادة الشارع منّا في الظاهر وحكم به قطعا بتفريغ ذمّتنا بملاحظة الطرق المقرّرة لمعرفتها ممّا جعلها وسيلة للوصول إليها سواء علم مطابقته للواقع ، أو ظنّ ذلك ، أو لم يحصل به شيء من العلم والظنّ (١) أصلا؟ وجهان ، والّذي يقتضيه التحقيق هو الثاني فإنّه القدر الّذي يحكم العقل بوجوبه ودلّت الأدلّة المتقدّمة على اعتباره ، ولو حصل العلم بها على الوجه المذكور لم يحكم العقل قطعا بوجوب تحصيل العلم بما في الواقع ولم يقض شيء من الأدلّة النقليّة بوجوب تحصيل شيء آخر وراء ذلك ، بل الأدلّة الشرعيّة قائمة على خلاف ذلك ، إذ لم يبيّن الشريعة من أوّل الأمر على وجوب تحصيل كلّ من الأحكام الواقعيّة على سبيل القطع واليقين ، ولم يقع (٢) التكليف به حين انفتاح سبيل العلم بالواقع. وفي ملاحظة طريقة السلف من زمن النبيّ والأئمّة عليهمالسلام كفاية في المقام ، إذ لم يوجب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم على جميع من في بلده من الرجال والنسوان السماع منه لجميع الأحكام ، أو حصول التواتر لآحادهم بالنسبة إلى آحاد الأحكام ، أو قيام القرينة القاطعة على عدم تعمّد
__________________
(١) في «ف» و «ق» : ولا الظنّ.
(٢) في «ق» : يقطع.