وأمّا السنّة المرويّة والأخبار الواردة عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمّة عليهمالسلام وإن أمكن المناقشة في بادى الرأي في كون حجّيتها إجماعية نظرا إلى شيوع الخلاف فيها بيننا من قديم الزمان ، إلّا أنّ الطريقة التي قرّرناها في الرجوع إليها والأخذ بها هي الّتي استقامت عليه الشيعة من لدن زمان الأئمّة عليهمالسلام بحيث يحصل القطع من التأمّل فيها كون ذلك ناشئا عن إجماع وإن خالف فيه من خالف ، فإنّ مجرّد وجود الخلاف من جهة بعض الشبهات والتباس الأمر على المخالف لا يقضي بكون المسألة ظنّية ، حتّى أنّ الأخباريّين توهّموا من ملاحظة ذلك كون الأخبار المأثورة عن الأئمّة عليهمالسلام قطعي الصدور معلوم الورود عنهم عليهمالسلام بحسب الواقع ، وهو خطأ في مقابلة التوهّم المذكور ، إلّا أنّهم خلطوا بين معلوم الحجّية ومعلوم الصدور ، والّذي ثبت من ملاحظة طريقة السلف وعملهم ـ الكاشف عن تقرير الأئمّة أو تصريحهم ـ هو القطع بالحجّية وتقرير صاحب الشرع ذلك طريقا موصلا إلى الأحكام كما قرّروا لإثبات الموضوعات لا العلم بالصدور ، إذ ليس شيء من الوجوه المذكورة مقيّدا له ، وقد فصّل القول فيه في محلّه.
وأمّا ما ذكر من المناقشة في حجّية الظنّ المتعلّق بالألفاظ فأوهن شيء ، إذ جريان السيرة المستمرّة من أهل اللغات على ذلك ظاهر أيضا ، فكما أنّ المخاطب يحمل الكلام على ظاهره حتّى يتبيّن المخرج عنه كذا غيره حسب ما هو ظاهر من ملاحظة طريقة الناس في فهم ما يسمعونه من الأقوال المحكيّة والخطابات المنقولة ، وقد ملئت منه كتب التواريخ وغيرها ، ولا يتوقّف أحد في فهمها وحملها على ظواهرها.
حجّة القول بحجّية مطلق الظنّ وجوه :
ـ أحدها ـ
وهو أقواها وأظهرها ما أشار إليه جماعة منهم ، تقريره على ما ذكره بعض المحقّقين منهم : أنّ باب العلم بالأحكام الشرعيّة منسدّ في أمثال زماننا إلّا في نادر