المطلب السابع في النسخ
النسخ في اللغة يطلق على أمرين :
أحدهما : الإزالة يقال : نسخت الشمس الظل أي أزالته ، ونسخت الريح آثار القدم يعني أزالتها.
ثانيهما : النقل والتحويل ، ومنه تناسخ المواريث أي نقلها وتحويلها من وارث إلى آخر مع قيام المال ، وتناسخ الأرواح أي نقلها من أبدان إلى أبدان اخر ، ونسخ الكتاب واستنساخه أي نقله إلى كتاب آخر ، وهو المراد بقوله تعالى : (إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)(١) يعني به نقله إلى الصحف.
وقد اختلف في معناه الحقيقي ، فقيل : إنّه حقيقة فيهما ، واختاره الشيخ والغزالي ، وحكي عن القاضي أبي بكر.
وقيل : إنّه حقيقة في الأوّل مجاز في الثاني ، واختاره العلّامة في النهاية والسيّد العميدي في المنية ، وحكي القول به عن أبي هاشم وأبي الحسين البصري.
وقيل بالعكس ، وحكي عن القفّال.
وكان الأظهر الأوّل ، فإنّهما إطلاقان شائعان ، ولا مناسبة ظاهرة بينهما ، ليكون علاقة في مثله ، فظاهر الاستعمالات في الحقيقة ، والمعنيان مكرّران في كلام أهل اللغة من غير إقامة دلالة على تعيين الحقيقة فقد يفيد ذلك كونهما حقيقتين :
__________________
(١) الجاثية : ٢٩.