وإن لم تف بأنفسها بتمام ما ادّعوه في المقام والخلاف في ذلك مع الأشاعرة في الإيجاب الجزئي والسلب الكلّي لينطبق أدلّتهم على تمام المقصود ، ونحن نتكلّم في الخلاف الأوّل على نحو ما ذكروه ، ثمّ نتبعه بالكلام في المقامين الآخرين.
وتفصيل القول في ذلك كلّه في أبحاث ثلاثة :
البحث الأوّل
في التحسين والتقبيح العقليّين
والخلاف فيه كما عرفت إنّما وقع من الأشاعرة ، وجمهور العقلاء اتّفقوا على إثباته.
ولنوضح الكلام برسم مقامات :
المقام الأوّل : في بيان محلّ النزاع في المسألة والإشارة إلى تحديد كلّ من الحسن والقبح عند المعتزلة والأشاعرة.
فنقول : إنّ المذكور للفظي الحسن والقبح في كلماتهم إطلاقات عديدة :
أحدها : كون الشيء كمالا وكونه نقصا كما يقال : إنّ العلم حسن والجهل قبيح ، ولم يذكره العضدي ، واعتذر له غير واحد من المحشّين بأنّ الكلام في ما يتّصف به الأفعال من معاني الحسن والقبح ، وهما بالمعنى المذكور إنّما يتّصف بهما الصفات كما في المثال المذكور ، ولذا نصّ في شرح المواقف : أنّه أمر ثابت للصفات.
وأنت خبير بصحّة اتّصاف الأفعال به أيضا إذا نسب إلى الفاعل ، بل هي من تلك الحيثيّة بمنزلة الصفات ، بل لا يبعد اندراجها فيها ، ألا ترى أنّه يصحّ أن يقال : إنّ طاعة العبد للمولى كمال العبد ، كما أنّ عصيانه له نقص فيه ، وقد احتجّ في المواقف من قبل الأشاعرة على امتناع الكذب عليه تعالى بأنّه نقص ، والنقص ممتنع عليه تعالى.
ثانيها : موافقة المصلحة ومخالفتها ، والمراد ما يعمّ المصلحة الواقعيّة