إذا تعلّق التكليف بالمجمل بأنّ متعلّق التكليف هناك إنّما هو مؤدّى اللفظ ومدلوله بحسب الوضع مثلا.
ومن البيّن : عدم جريان الأصل في تعلّق الوضع بالأقلّ فكيف يحكم بأنّه الواجب.
والحاصل : انّ الحكم بكون الواجب هو الأقلّ متلازم مع الحكم بالوضع له ، إذ المفروض القطع بكون المكلّف به هو موضوع اللفظ لا غيره ، فإذا لم يثبت ذلك بالأصل لم يثبت الآخر أيضا ، لما عرفت من أنّ الحكم بوجوب الأقلّ قد يكون من جهة الحكم بكونه المراد من اللفظ ، وقد يكون من جهة أنّه المتيقّن إرادته مع الشكّ في إرادة الزائد عنه ، وما لا يجري فيه الأصل هو الأوّل ، وهو متلازم مع الوضع في المقام. وأمّا الثاني فلا دلالة فيه على ما هو المراد من اللفظ بحسب الواقع ، وإنّما يستفاد منه ما هو التكليف في ظاهر الشريعة ، ولا ربط لذلك بما وضع له اللفظ أو استعمل فيه كما لا يخفى.
وما قد يقال : من أنّه بعد ثبوت اشتغال الذمّة وحصول الإجمال في متعلّق التكليف يجب مراعاة الاحتياط لاقتضاء اليقين بالشغل اليقين بالفراغ مدفوع ، بأنّ الشغل اليقيني إنّما يحتاج إلى اليقين بالفراغ على مقدار اليقين بالاشتغال ، ولا يقين هنا بالاشتغال بما يزيد على الأقلّ حتّى يستدعي اليقين بالفراغ.
وما قد يتوهّم : من عدم جريان البيان المذكور في الوجه الأخير ، لحصول الاشتغال هناك بمؤدّى اللفظ ، ولا يقين هناك بالفراغ إلّا بالإتيان بجميع المحتملات بل ولا في الوجه الأوّل ، لدوران التكليف هناك بين أحد الوجهين ولا يحصل اليقين بالفراغ بأداء الأقلّ. غاية الأمر جريانه في الوجه الثاني ، إذ القدر المتيقّن هناك من الاشتغال بذلك الكلّي هو الأقلّ ، فينفى الزائد بالأصل ، ولا حاجة معه إلى اليقين بالفراغ مردود ، بأنّه لما كان مؤدّى اللفظ في الوجه الأخير وأحد الوجهين أو الوجوه في الوجه الثاني مبهما غير معلوم لم يحصل من العلم بتعلّق التكليف بهما إلّا اليقين بالاشتغال بالأقلّ ، إذ هو القدر الثابت من الاشتغال ،