يفيد امتناع استعلامها واستفراغ الوسع فيها على سبيل التفصيل وبعنوان مستقلّ وملاحظة خاصّة ، دون ما إذا اريد ذلك بعنوان كلّي على سبيل الإجمال في الملاحظة فتأمّل ، وسيجيء تتمّة الكلام في ذلك إن شاء الله.
ومن الغريب أنّ بعض من حكينا عنه القطع بذلك في المقام قد نصّ في أوّل المسألة بخلاف ذلك ، حيث قال : لا شكّ في جواز الأخذ من العالم إذا كان عالما بكلّ الأحكام أو ظانّا لها من الطرق الصحيحة ، وهو المسمّى بالمجتهد المطلق والمجتهد في الكلّ. وأمّا جواز الأخذ عن الظانّ ببعضها من الطرق الصحيحة على الوجه الّذي ظنّه المجتهد المطلق وهو المسمّى بالمتجزّئ ففيه خلاف. انتهى ملخّصا.
وهذا كما ترى ظاهر جدّا في تقريره النزاع بملاحظة الفعليّة دون مجرّد القوّة والملكة ، وقد يؤول بعيدا بما يرجع إلى الأوّل ، ثمّ إنّ في المقام وجوها ثلاثة اخرى :
أحدها : أن يحصل الاقتدار على استنباط جميع المسائل من دون استفراغ الوسع في تحصيل شيء منها ، فيكون القوّة تامّة ، والفعلية منتفية بالمرّة.
ثانيها : أن يحصل الاقتدار على استنباط بعض المسائل خاصّة مع عدم استفراغ الوسع في تحصيله ، فالقوّة ناقصة ، والفعليّة منتفية أيضا.
ثالثها : أن يتحقّق هناك استنباط بعض المسائل من غير أن يكون للمستنبط ملكة في الاستنباط ، وإنّما حصل له ذلك على سبيل التكلّف والتعسّف ، أو بتفهيم الغير وإعانته في بيان الأدلّة وإبداء وجوه الاستنباط ، بحيث حصل له الاطمئنان باستيفاء الأدلّة ووجوه دلالتها على حكم المسألة ، فهناك فعليّة ناقصة من دون حصول القوّة والملكة.
فتحصّل ممّا ذكرنا أنّ الوجوه المتصوّرة في المقام ستّة لا إشكال في الوجه الأوّل منها ، وهو ما لو كانت الملكة تامّة مع حصول الفعليّة كذلك على الوجه المذكور ، والظاهر الاكتفاء في حصول الفعليّة بما يعدّ معها عالما بالأحكام