عنده الوجهان ، فلا وجه للترجيح مع تساويهما بالنسبة إلى أداء التكليف فتأمّل.
قوله : (بمعنى جريانه في بعض المسائل.)
لمّا كان التفسير المذكور مشعرا بكون الكلام في جواز التجزّي بحسب الفعليّة وعدمه ـ بأن يستفرغ وسعه في تحصيل بعض المسائل دون بعضها ولو كانت القوّة والملكة تامّة ـ عقّب ذلك بقوله بأن يحصل للعالم إلى آخره ، مفيدا بذلك كون التجزئة المذكورة لنقص الاقتدار على الاستنباط ، لا بمجرّد عدم التصدّي لاستفراغ الوسع في ذلك البعض ، فيكون محلّ الكلام على ظاهر كلامه في جواز تجزّي القوّة وعدمه ، وقد فرّع عليه جواز الاستفراغ في ذلك البعض بمعنى حجّية ظنّه في ذلك وعدمه.
وأنت خبير بأنّ تقرير النزاع في جواز التجزّي في نفس الاقتدار والقوّة في كمال الضعف ، لوضوح جوازه كما مرّت الإشارة إليه ، كيف! والقوّة على استنباط الكلّ مسبوق غالبا بالقوّة الجزئيّة ، فإنّ الاقتدار على الجميع لا يحصل غالبا إلّا على سبيل التدريج ، ثمّ مع البناء على جواز التجزّي في القوّة لا وجه لتفريع حجّيته على ذلك.
نعم قد يقال : بعدم حجّية الظنّ الحاصل له كما هو الظاهر من كلام المانعين. والجواب عنه ما عرفت : من أنّ المقصود من الاجتهاد في المقام هو الاستفراغ المعتبر في نظر الشرع ، إذ هو المعنى المصطلح عندهم دون مطلق الاستفراغ. وحينئذ يتّجه تقرير النزاع في جواز التجزّي بحسب القوّة والملكة ، إذ القدر المعلوم الّذي ليس قابلا للنزاع هو مجرّد الاقتدار على تحصيل الظنّ ببعض المسائل دون البعض ، دون الاقتدار عليه على الوجه المعتبر. وحينئذ يندفع عنه ما ذكر من عدم صحّة التفريع المذكور ، لوضوح تفريع حجّية ظنّه على القول بقبوله للتجزّي كما هو ظاهر العبارة ، ففي تعبير المصنّف رحمهالله إشارة إلى ما ذكرناه. وقد يجعل قوله : فله أن يجتهد فيها أو لا بيانا لمحلّ النزاع ، فيكون المقصود أنّه بعد تحصيل ما هو المناط في الاجتهاد بالنسبة إلى بعض المسائل دون بعضها هل