مصادفة صوريّة ، وإلّا فمع عدم تحقّق القربة لا يعقل مصادفة العمل للواقع ، لوضوح كونها شرطا مأخوذا في صحّة العبادة. هذا إذا كان المكلّف عارفا بذلك.
وأمّا إذا كان جاهلا به زاعما إمكان حصول القربة مع الاحتمال ، لتوهّمه جواز التقرّب به من جهة احتماله كون ذلك مطلوبا لمولاه محصّلا لرضاه على نحو ما ذكر في بيان التسامح في أدلّة السنن فاعتقد صحّة التقرّب في المقام ـ وإن لم يكن كذلك ـ قوي القول بصحّته مع المطابقة للواقع لعين ما مرّ.
فما ذكرناه من عدم إمكان قصد التقرّب في مثله إنّما هو بالنسبة إلى العارف المتفطّن لذلك ، وأمّا غيره فيمكن صدور القصد المذكور من جهة غفلته عمّا ذكر. وحينئذ فلا مانع من صحّة عمله. فما ذكره بعض الأفاضل : من عدم إمكان قصد التقرّب مع التقصير في الاستعلام والتردّد في المطابقة ، ليس على إطلاقه. هذا في العبادات.
وأمّا في غيرها من الواجبات فلا إشكال في حصولها بمجرّد المصادفة للواقع دون ما إذا لم يصادفها ، إذ المناط هناك حصول نفس العمل وعدمه. وكذا الحال في المعاملات فلا إشكال إذن في فسادها مع عدم المطابقة وصحّتها مع استجماعها للشرائط ولو وقعت في حال التردّد في صحّتها ، نظرا إلى حصول المقتضي وانتفاء المانع.
وقد عرفت عدم منافاة التردّد لقصد الإنشاء إلّا أنّه لا يمكن إجراء أحكام الصحّة عليها ولا الفساد إلّا بعد الرجوع إلى الفقيه ، ولا يجوز له البناء حينئذ على استحباب عدم ترتّب الآثار ، إذ لا حجّيّة فيه في المقام بالنسبة إلى العوام. فظهر من ذلك عدم جواز التصرّف في المبيع والثمن حينئذ من البائع أو المشتري قبل الرجوع ، بل لابدّ من الرجوع إلى الفقيه ثمّ التصرف على حسب ما يفتيه. ثمّ إنّ جميع ما ذكرناه إنّما هو في الجاهل بالحكم.
وأمّا الجاهل بالموضوع : فإن كان جهله متفرّعا عن الجهل بالحكم سواء كان جهلا بأصل الحكم ـ كما إذا تصرّف في المبيع أو الثمن معتقدا لتملّكه مع انتفائه بحسب الواقع وجهله بالحال ـ أو كان جاهلا بالطريق المقرّر كما إذا شهد عنده