وكيف كان فالرفع التنزيلي وحفظ السياق يدلان على كون المرفوع هو وجوب الاحتياط ويؤيد ذلك بل يدل عليه ورود الحديث الشريف في مقام الامتنان حيث أن رفع الحكم الواقعي لا يكون فيه امتنان كما لا يخفى.
اذا عرفت ذلك فاعلم ان التكليف الواقعي مع عدمه في رتبة واحدة ولا يعقل أن يكونا في مرتبتين ، فالشك في التكليف متأخر رتبة عن التكليف فهو أيضا متأخر عن عدم التكليف بمناط جهة حفظ الرتبة بين النقيضين فاذا كان الشك وعدم العلم متأخرا عن عدم التكليف فلا يعقل أن يكون موضوعا لعدم التكليف إذ كونه موضوعا يلزم تقدمه عليه ، ومع تأخره عنه لا يعقل ان يكون متقدما عليه.
__________________
أو الموضوعية بتقريب ان المراد من (ما) هو الحكم وهو تارة يقع الاشتباه فيه من جهة عدم النص الذي هو الشبهة الحكمية أو يقع من جهة الاشتباه الخارجي وبعد الفراغ من هذه الجهة يقع الكلام في الجهة الثانية في أن شمول حديث الرفع مشروط بامور : الاول ـ أن يكون في رفعه منه. الثاني ـ أن يكون مجهول العنوان. الثالث : أن يكون أمرا شرعيا تناله يد الجعل نفيا واثباتا ويترتب عليه الثواب والعقاب. فان لم يكن في رفعه منة أولا مجهول العنوان أو لم يكن أمرا شرعيا قابلا لان تناله يد الجعل فلا يجري حديث الرفع لما عرفت ان جريانه مشروط بهذه الامور الثلاثة بعد كون الحكم إلزاميا إذ مع كونه غير إلزامي لا ثقل فيه حتى يكون في رفعه المنة من غير فرق بين القول بان الرفع متوجه على الاحتياط أو رفعه برفع مقتضيه على ان استحباب الاحتياط مجعول قطعا فلا يكون التكليف المحتمل مرفوعا في الظاهر لكي يعمه حديث الرفع كما انه لا اشكال في عدم جريان البراءة العقلية فيما احتمل فيه التكليف غير الالزامي إذ المقطوع فيه لا توجب مخالفته العقاب فكيف بمحتمله فتدبر.