كان بينهما تفاوت في جهة الانتزاع ولازم ذلك.
أن البقاء الذي نقول به في باب الاستصحاب لا يعقل أن يكون بقاء حقيقيا للحكم الواقعي لأن الغرض أن الحكم ببقاء ما ثبت في باب الاستصحاب موضوعه الشك في بقاء الحكم الواقعي والشك في بقاء الواقع المساوق للشك في أصل وجود الواقع متأخر عن أصل الواقع تأخر العارض عن المعروض فيكون الواقع متقدما على الشك بنفسه.
وقد أوضحنا سابقا ان الاحكام الواقعية لا يعقل أن تتعدى إلى مرتبة الشك بنفسها فلا يعقل أن يكون المراد من بقاء الواقع في باب الاستصحاب بقائه حقيقة بل لا بد وأن يكون المراد بقاؤه عنايته وادّعاءً وتعبدا بدعوى كون بقاء غير الواقع المماثل له بقاء بالعناية من باب التصرف في الأمر العقلي على ما يقوله السكاكي في باب المجاز والاستعارة.
وإذا ظهر لك ذلك فنقول قد عرفت أن مفاد قوله كل شيء طاهر حتى تعلم أنه قذر بناء على كون الغاية غاية للمحمول هو الحكم بثبوت الطهارة إلى غاية العلم بالقذارة للشيء فمع قطع النظر عن التقييد بمعنى أن الحكم بثبوت الطهارة لكل شيء بعنوانه الأولي واقعا كغيره من سائر الأدلة الاجتهادية التي كانت متكفلة بثبوت الاحكام على الموضوعات بعناوينها الأولية فحينئذ بقاء مثل هذا الحكم الواقعي لا يعقل أن يكون مغيّا بمثل العلم وعدمه بل بقائه الحقيقي يدور مدار عدم ما هو غاية الطهارة ووجودها من الانشاء الأخر غير العلم فاضافة مفاد حتى الداخل على العلم بالقذارة الى الطهارة المحكوم بثبوتها لكل شيء لا يعقل أن يكون لبيان بقاؤها واستمرارها حقيقة إلى حصول العلم بالقذارة لأن لازم ذلك هو الحكم ببقاء الطهارة الى مرتبة الشك بنفسها لكون