ولو أتى بأفراد في عرض واحد أيضا يحصل الامتثال بها من جهة عدم الترجيح بلا مرجّح ، إذ حصول الامتثال بأحدها دون غيرها يكون الترجيح بلا مرجّح ، فعلى هذا نقول بحصول الطبيعة في ضمنها ، وهذا واضح.
إنّما الكلام في الأفراد الطولية يعني إذا أتى بفرد ثم أتى بفرد بعده يحصل الامتثال به أم لا ، لا يخفى أنّه إن قلنا بأنّ الأمر يدلّ على المرّة يكون على قسمين إمّا أن نقول بالمرّة بشرط لا وإمّا أن نقول بالمرّة لا بشرط ، فإن قلنا بالأوّل أي بالمرّة بشرط لا فيكون الإتيان بالثاني مضرّا بفردية الأوّل ، إذ الأوّل يكون فردا إذا أتى بشرط ، عدم الفرد الآخر فالفرد الثاني مع أنّه لا يكون فردا ولا يحصل به الامتثال يخرج الفرد الأوّل من الفردية أيضا. وأمّا إن قلنا بالمرّة ولزوم الاتيان بفرد لا بشرط فلا يكون الإتيان بالفرد الثاني مضرّا بفردية الأوّل ، إلّا أنّه بالفرد الثاني لا يحصل الامتثال ، إذ بالفرد الأوّل حصل الامتثال ولا يمكن الامتثال عقيب الامتثال ، هذا على القول بالمرّة.
وأمّا على ما قلنا بالطبيعة فأيضا الحقّ هو الامتثال بالفرد الأوّل ، ويكون الاتيان بالفرد الثاني لغوا ، إذ الآمر يبعث المكلّف الى إتيان الطبيعة وقد قلنا بأنّ الطبيعة تحصل في ضمن الفرد ، فإذا أتى بفرد فقد حصلت الطبيعة فيكون الإتيان بفرد آخر من قبيل الامتثال عقيب الامتثال.
وقال المحقّق الخراساني بأنّه إذا كان الاتيان بالفرد علّة تامّة لحصول الغرض أعني إذا كان الغرض يحصل بإتيان الفرد الأوّل يكون الإتيان بالفرد الثاني لغوا وإذا لم يكن كذلك بل مع إتيان الفرد الأوّل يكون الغرض من الأمر باقيا يكون من قبيل تبديل الامتثال ، مثلا إذا أمر المولى العبد بإتيان الماء ويكون غرضه من إتيان الماء رفع عطشه فإذا أتى العبد بالماء ولكن لم يشرب المولى حيث إنّه يكون غرضه وهو رفع عطشه باقيا يحصل الامتثال بالفرد الثاني ويصحّ تبديل الامتثال بالفرد الثاني ،