الفصل الثالث
في الإجزاء :
اعلم أنّ المتقدمين عنونوا المسألة بأنّه هل الأمر بالشيء إذا أتى به على وجهه يقتضي الإجزاء؟ وحيث إنّ المتأخّرين ومنهم المحقّق الخراساني فهموا من الاقتضاء العلية ، وقالوا بأنّ المراد من الاقتضاء هو العلية قالوا بأنّ ما قاله المتقدمون ليس بسديد ، إذ الأمر يكون علة لتحريك المأمور وانبعاثه نحو المأمور به ولم يكن علّة للسقوط والإجزاء ، بل الإتيان بالمأمور به يكون مقتضيا لهذا فعلى هذا.
قالوا بأنّه هل الإتيان بالمأمور به على وجهه يقتضي الإجزاء أم لا؟
ولا يخفى أنّ ما قال المحقّق الخراساني طاب ثراه من أنّ المراد من الاقتضاء هو العلية ليس في محلّه ، لأنّ الإتيان ليس بعلّة ، بل يكون إتيان المأمور به مسقطا للأمر بمعنى أن الأمر بعد إتيان المأمور به أثّر أثره ، فبعد الإتيان حصل الأثر.
مثلا إذا كانت النار موجبة لإحداث الحرارة فإذا فقدت النار لم يكن فقدانها علّة لعدم الحرارة ، بل يكون مقتضاه عامّا ، ففي كلّ الموارد إذا كان ايجاد الشيء معلول لعلّة فبفقد العلّة يفقد المعلول ، ولم يكن فقدان المعلول مستندا لعلّة فعلى هذا يكون المراد من الاقتضاء مقدار الاقتضاء بمعنى أنّ ما قالوه بأنّ الأمر إذا أتى به على وجهه