فافهم.
الأمر الثاني : قد قلنا في مسألة اجتماع الأمر والنهي أنّ النزاع في المسألة يكون عقليا حيث إنّ الحاكم بالجواز أو بالامتناع يكون هو العقل ، وأمّا فيما نحن فيه فلا يخفى عليك أنّ النزاع يكون في العبادات أيضا عقليا ؛ لأنّ بعد تعلّق النهي بالعبادة يكون النزاع في أنّه لأجل صيرورة هذا الفعل مبغوضا هل يمكن أن يكون مقرّبا أم لا؟ ولا إشكال في أنّ هذه الجهة راجعة الى العقل والعقل حاكم بالفساد أو بالصحة.
وأمّا في المعاملات فيمكن أن يكون النزاع عقليا ولفظيا ؛ لأنّ الكاشف عن الفساد تارة يكون العقل وتارة يكون الشرع ؛ لأنّه بعد تعلق النهي بالمعاملة يصير مبغوضا فيمكن النزاع في أنّه هل يمكن أن تكون المعاملة المبغوضة صحيحة أم لا؟ فإن رجعت الصحّة والفساد الى ذلك ـ أي المبغوضية ـ فيكون النزاع أيضا عقليا ، وتارة مع قطع النظر عن حكم العقل يكون النزاع في أنّه من لفظ «حرّم الربا» هل يستفاد الفساد أيضا أم لا ، فيكون الكاشف هو اللفظ ولو لم يكن للعقل حكم.
فظهر لك أنّ بعد ما كان في ما نحن فيه ولو في المعاملات قول بدلالة النهي على الفساد في المعاملات مع انكار الملازمة بينه وبين الحرمة التي هي مفاده فيهما يمكن أن يكون ما نحن فيه من مباحث الألفاظ.
الأمر الثالث : لا إشكال في أنّ النهي الذي يوجب فساد العبادة أو المعاملة ويكون مورد النزاع يشمل النهي النفسي وأيضا يشمل النهي الغيري ؛ لأنّ الملاك الذي يكون موجبا للنزاع يكون فيه أيضا ؛ لأنّ النزاع يكون في أنّه بعد ما يوجب النهي المبغوضية هل يمكن مع هذه المبغوضية الحكم بالصحّة أو يلزم الفساد؟
ولا يخفى أنّ النهي الغيري أيضا يكون مبغوضا ولو لأجل ما كان واجبا له ، وما قلنا في أنّ المقدمة لم تكن بنفسها مبغوضة ولا محبوبة لم يكن منافيا لهذا ، حيث إنّ ما قلنا من عدم كون المقدمة مبغوضة أو محبوبة قلنا في مقابل ذي المقدمة بمعنى أنّه لم