تكن للمقدمة وراء محبوبيّة ذيها أو مبغوضيتها مبغوضية أو محبوبية مستقلة ، وإلّا يمكن أن تصير المقدمة لأجل مبغوضية ذيها مبغوضة أو لأجل محبوبية ذيها محبوبة ، ففي الحقيقة إذا كان شيء عبادة ويكون مقدمة لمحرّم ويتعلّق به النهي الغيري يكون مبغوضا لأجل ذيها ، فيكون مثل ما لو تعلّق به نهي نفسي ولا فرق أصلا ، لأنّ في كلتا الصورتين تكون المبغوضية لأجل ذي المقدمة.
وأمّا النواهي الارشادية فلم تكن داخلة في محلّ البحث ، وما قاله بعض الأعاظم كما نقل بعض مقرري درسه من أنّ النواهي الغيرية لم تكن داخلة في محل الكلام ومثّل لها بالنواهي التي تكون في مقام بيان المانعية فتكون فاسدة حيث هذا القسم من النواهي لم تكن نواهي غيرية ، بل تكون إرشادية وأنّها تكون في مقام بيان المانع مثل ما كان في طرف الأمر أيضا مثل الأمر الذي يكون في مقام شرطية الطهارة للصلاة فلا يكون إلّا إرشاديا ، والارشاد بأنّ الصلاة تكون مشروطة بها كذلك يكون في طرف النهي ، فالتعبير عن هذا القسم من النواهي بالنهي الغيري لا يكون صحيحا.
وأمّا النهي التنزيهي فأيضا لا يكون موجبا للفساد ولم يكن داخلا في حريم النزاع ؛ لأنّ النزاع يكون في النهي الذي يكون مبغوضا ومبعّدا والنهي التنزيهي لم يكن كذلك ؛ لأنّ الشارع رخّص فيها ومع ترخيص الشارع كيف يكون مبغوضا ومبعّدا؟ لأنّ كونه مبعّدا يكون منافيا لقاعدة اللطف فان الشارع كيف يمكن أن يرخص المكلف في ما هو مبعّدا له؟! فلا إشكال في عدم كون النهي التنزيهي داخلا في حريم النزاع.
الأمر الرابع : لقد ذكروا تعريفات للعبادة ولا حاجة الى ذكرها مثل أنّه قالوا بأنّ العبادة ما تكون محتاجة الى الأمر. واعلم أنّ هذا التعريف لا يمكن تعلّق النهي به أصلا حيث إنّه مع فرض الأمر كيف يمكن أن يكون منهيّا عنها؟! والمحقّق الخراساني