فيكون لفظ (رجل) مع دخول التنوين عليه موضوع للطبيعة بقيد الوحدة ، فالنكرة أي لفظ النكرة موضوع للطبيعة بقيد الوحدة ، ثم بعد ذلك انضمام بعض الجهات الخارجية عليه يوجب فهم بعض خصوصيات أخر منه.
فإذا أخبر عن لفظ النكرة وقال : (وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ) نفهم من انضمام خصوصية الأخبار به أنّ المراد من لفظ النكرة يكون فردا من الطبيعة ، مثلا في المثال نفهم بقرينة الأخبار من (رجل) أنّ فردا من طبيعة الرجل جاء من أقصى المدينة ، فخصوصية الفرد من الطبيعة فهمت من حيث الإخبار فيكون في مثل هذا المقام المراد من لفظ النكرة هو فرد من أفراد الطبيعة ، فالوحدة التي كانت في النكرة من أجل التنوين تكون وحدة فردية فيستفاد في مثل ذلك المورد التعيين من لفظ النكرة ؛ لأنّ المراد فرد مخصوص ولو لم يعلم به المخاطب.
ففي ما أخبر بالنكرة يعني في مقام الإخبار لا يمكن استفادة الإطلاق الفردي من لفظ النكرة ، لكون الوحدة وحدة فردية ولم يرد من النكرة بقرينة الإخبار الّا فرد واحد ، وإذا وقع لفظ النكرة تحت الإنشاء مثل (أكرم رجلا) ففي مقام الانشاء نستفيد من خصوصية الانشاء أنّ المراد من الوحدة التي تكون في النكرة لأجل التنوين ليست الوحدة الفردية بل وحدة الكلّي ، لما قلنا من أنّ لفظ (رجل) بلا تنوين دالّ على نفس الطبيعة وتنوينه دالّ على الوحدة ، وحيث وقوعه تحت الإنشاء دالّ على كون الوحدة وحدة الكلّي لا الفردي ، لأنّه يمكن إكرام أي فرد من الرجل ، ولذا هذا القسم يمكن فيه الإطلاق بضميمة مقدمات الحكمة لقابليّته لأنّ يكون إكرام الواجب على متعلّقه أي فرد من أفراد الرجل.
فظهر لك أنّ في صورة الإخبار والإنشاء كليهما استعمل النكرة مثلا رجل مع التنوين في معناه وهو الطبيعة بقيد الوحدة ، لكن خصوصية الإخبار صارت سببا لكون الوحدة فيها وحدة فردية ، ولا يأتي بعد إطلاق الفردية خصوصية وقوعها