من هذه الجهة منقسم بالأربعة ؛ لأنّه إمّا أن يكون الوضع عامّا والموضوع له عامّا ، وإمّا أن يكون الوضع خاصّا والموضوع له خاصّا ، وإمّا أن يكون الوضع عامّا والموضوع له خاصّا ، وإمّا أن يكون الوضع خاصّا والموضوع له عامّا.
واعلم أنّ مرادنا بالخاص هنا في مقابل العام لا في مقابل الطبيعة ، فإنّه كما قلنا طبيعة اللفظ وضع لطبيعة المعنى ، فطبيعة الخاص يراد في المقام في قبال طبيعة العام ، ويكون التعبير بالخاص والعام لا بالجزئي والكلّي ، فلا يقال مثلا وضع الجزئي في قبال وضع الكلّي.
إذا عرفت ذلك فنقول بعونه تعالى : إن كان المتصوّر معنا خاصا ووضع اللفظ بإزاء هذا الخاص فيكون الوضع خاصا والموضوع له خاصا ، كما اذا تصور معنى زيد ووضع اللفظ لخصوصه ، وإن كان المتصوّر والملحوظ أمرا عاما ووضع اللفظ بازاء هذا العام الملحوظ والمتصوّر فيكون الوضع عاما والموضوع له عاما أيضا ، كما إذا تصوّر معنى الإنسان ووضع لفظ الانسان لهذا المعنى العام الملحوظ ، وإن كان الملحوظ والمتصوّر معنا عاما ولكن وضع اللفظ بازاء خصوصياته فيكون الوضع عامّا والموضوع له خاصّا ، كما إذا تصوّر ولاحظ معنى الإنسان ولكن وضع اللفظ بازاء خصوص أفراد الانسان من زيد وعمرو ، وبكر وغيرهم.
وفي هذا القسم تارة يضع اللفظ بازاء نفس حصة العام مع قطع النظر عن المشخصات الفردية ، مثلا يضع لفظ الانسان بازاء خصوص الحصّة التي في ضمن زيد وعمرو ، وغيرهما بلا دخل المشخصات الفردية ، فهذا أمر معقول لا مانع منه ، ويمكن أن يكون الملحوظ معنا عاما ووضع اللفظ بازاء الحصص الموجودة في الأفراد.
وتارة يضع اللفظ بازاء الأفراد مع دخل الخصوصيات الفردية ، كما إذا لاحظ معنى الانسان ووضع اللفظ بازاء خصوص عمر وبكر وغيرهما مع مشخصاتهم