المتصوّر كان معنى عامّا ووضع اللفظ لهذا المعنى العام.
وان قلت بأنّه حين اللحاظ لا يتصوّر ولا يلاحظ إلّا الفرد ولا يكون العام متصوّرا حتى إجمالا ، فنقول : إنّ في هذه الصورة لا يمكن الالتزام بصحّة كون الوضع خاصّا والموضوع له عاما لعدم معقولية ذلك فإنّه كما قال كان ذلك من باب كون الخاص مرآة للعام ، ومن الواضح أنّه لا يمكن كون الخاص مرآة للعام ولا لخاص آخر.
أمّا عدم إمكان صيرورته مرآة للعام فلأنّ المرآة لا بدّ وأن يكون محيطا بما هو مرآة له ، وإلّا كيف يمكن إراءته بالمرآة؟ ولا إشكال في أنّ الخاصّ غير محيط بالعام ، بل العام محيط به وبغيره من خصوصياته وأمّا عدم إمكان كونه مرآة لخاصّ آخر فلأنّ هذا الخاص مباين معه والشيء لا يصير مرآة لمباينه. فظهر لك عدم معقولية كون الوضع خاصّا والموضوع له عامّا ، فليس الأقسام إلّا الثلاثة وهي ما قلنا وتصورناه.
ثم إنّه كما قلنا سابقا الوضع العام والموضوع له الخاصّ حيث يكون على خلاف الترتيب وأكلا من القفا لأنّه بعد قابلية تصوّر الخاصّ ولحاظه لا حاجة الى لحاظ العام في مقام وضع اللفظ بإزاء الخاص ، فلا بدّ أن يكون الداعي الى هذا الوضع جهة اخرى حتى لأجلها وضع الواضع بهذا النحو ، وهو أن يكون في معنى خصوصية ولا يمكن تصوّر هذه الخصوصية ولحاظها بنفسه ، وكان المعنى خاصّا فلذا يتصوّر ويلاحظ حين وضع اللفظ له معنى عاما الذي هذا الخاص من أفراده ، فلا بدّ أن يكون في معنى الخاص خصوصية مخصوصة ، ولا يمكن لحاظ هذا الخاص بنفسه لأجل ما فيه من الخصوصية ، فلا يمكن أن يضع اللفظ له بحيث كان الملحوظ حين الوضع نفس معناه الخاص ، فلذا يحتاج الواضع في وضع اللفظ له من تصوّر العام الذي هذا الخاص فرد له ، فبمعونة عامّه يضع اللفظ لهذا الخاص فيكون الملحوظ