وضع له عامّا أو بنحو كون الوضع خاصّا وما وضع له خاصّا لا حاجة الى الالتزام بكون الوضع فيها عامّا وما وضع له خاصّا ؛ لأنّ ذلك ـ كما قلنا ـ أكلا من القفا ولا يكون وضع الواضع جزافا ، بل يكون لأجل جهة ، والجهة الدائمية الى الوضع بالنحو الثالث ليس إلّا عدم قابلية المعنى لوضع اللفظ له بالنحوين الأوّلين فلا بدّ اوّلا من إثبات أنّ في الحروف وما يشبه الحروف يكون خصوصية ، وثانيا أنّ وضع اللفظ باعتبار هذه الخصوصية لا يمكن للحروف بالنحوين الأوّل والثاني يعني بنحو كون الوضع عامّا وما وضع له عامّا ، ولا بنحو كون الوضع خاصّا وما وضع له خاصّا أيضا.
ولذا صار الواضع بوضع اللفظ لها باعتبار ثانيها من الخصوصية بنحو آخر وهو أن يكون الوضع عامّا وكان الموضوع له خاصّا.
إذا عرفت ذلك فينبغي التكلّم في أنّ الحروف كيف يكون نحو وجودها حتى يفهم أنّ فيها تكون خصوصية ويفهم أن هذه الخصوصية لا يمكن وضع اللفظ للحروف باعتبارها إلّا بنحو كون الوضع عامّا وما وضع له خاصّا ، أو يمكن بالنحوين الأوّلين يعني إما بنحو كون الوضع والموضوع خاصّا ، وإمّا بكون كلّ منهما عامّا؟ فنقول بعونه تعالى : إنّ المفاهيم التي توجد تنقسم عند أهل المعقول بأربعة أقسام :
الأول : ما يكون لنفسه بنفسه في نفسه يعني يوجد مستقلّا ولا يحتاج وجوده الى شيء وموجود في حدّ ذاته ، وهذا القسم عبارة عن المرتبة الكاملة من الوجود ، وهو مخصوص بالله تعالى شأنه الواجب وجوده لنفسه بنفسه في نفسه.
الثاني : أن يكون قابلا للوجود لنفسه وفي نفسه ، لكن لا بنفسه بل بغيره ، وهو الجواهر من الممكنات ، فإنّ الجوهر موجود في حدّ نفسه ويكون استقلاله لنفسه وموجود بغيره ، لأنّه ممكن محتاج الى العلّة في الوجود وهو قابل للوجود الذهني والخارجي ويوجد في كلّ من الذهن والخارج في نفسه ولنفسه ولكن بغيره يعني