قرينة عامّة ، مثل من صنّف كتابا ويقول في أوّل كتابه لفظا وأراد منه معنى لا بدّ من حمله في سائر استعمالاته ، وهذا ممّا لا شبهة فيه ، والحال أنّه لهذا المعنى قطعا وضع الشارع لفظ (الصلاة) لهذا المعنى فلا بدّ في مورد الشكّ من حمله عليه إذا علم تأخّر الاستعمال عن تاريخ الوضع ، وأمّا في مورد الشكّ في التاريخ فأيضا لا بدّ من حمله عليه ، لأنّه قلّ مورد ، يكون يستعمل لفظ الصلاة واراد منه غير هذا المعنى ، بل قلنا بأنّه لم يكن مورد ويؤيّده الخبر المنقول عنه (صلىاللهعليهوآله)
وأمّا على الجمود على ظاهر اللفظ فأيضا نقول : الحقيقة الشرعية ثابتة ، إن قلنا بكون هذه الألفاظ من مخترعات الشارع ، لما قلنا بأنّ من وضع لفظا لمعنى يكون بناؤه حمله عليه مطلقا ، والوضع التعيّني أيضا ممّا لا إشكال فيه ولا يلزم فيه مرور أيام كثيرة ، بل يثبت الوضع التعيّني بكثرة تكرار اللفظ وإرادة المعنى الموضوع له ، ولو في ثلاثة أيام ، كما نشاهد في العرف.
ولكن يمكن أن يقال بأنّ وضع هذه الألفاظ لهذه المعاني لم يكن من مخترعات الشارع بل كان سابقا ، لما كان في الآيات من قوله تبارك وتعالى خطابا لإبراهيم عليهالسلام (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِ) الآية ، وغير هذه الآية الشريفة من الآيات ، لأنّه تبارك وتعالى يتكلّم باصطلاح نبيّه ، وإلّا من الواضح أنّه لم يكن في زمن موسى عليهالسلام مثلا لفظ (الصلاة) ، لأنّ الصلاة من لغة العرب وفي زمان موسى عليهالسلام وتوراته كان بلسان العبراني ، بل لمّا كانت الصلاة اسما للأركان المخصوصة عند العرب قبل الاسلام ويدلّ عليه ما قال رجل بأنّي رأيت رجلا يصلّي ، ثم جاء شابّ ويصلّي معه ثم جاءت امرأة وتصلي أيضا ، ومقصوده النبي صلىاللهعليهوآله وعلي عليهالسلام وخديجة عليهاالسلام. وهذا دليل على أنّ الأفعال التي كانت عندهم مسمّاة باسم الصلاة.
فانقدح بتمام ما قلنا بأنّه إن قلنا بكون الألفاظ موضوعة لهذه المعاني قبل الاسلام فلم يبق شكّ من لزوم حملها على معانيها الحقيقية قبل الاسلام وإن قلنا بأنّ هذه