والإمام أبد الدهر ، وقد رأينا للإمام المفسر الكبير ابن كثير في كتابه «فضائل القرآن» وهو من علماء القرن السادس قولا يبيح به كتابة المصحف على غير الرسم العثماني وفي هذا توكيد وتوثيق لوجهة النظر التي نقررها.
هذا أولا. وثانيا إن الذي نعتقده أن رسم المصحف العثماني لم يكن ليكون محتملا للقراءات السبع أو العشر ، وليس هو توقيفيا عن النبي عليهالسلام كما يظن أو يقول البعض ، فليس هناك حديث وثيق بل وغير وثيق متصل بالنبي أو أصحابه المعروفين يؤيد ذلك ، وإنما هو الطريقة الدارجة للكتابة في ذلك العصر ، ولم يكن النبي يقرأ ويكتب ، وإنما كان يملي ما يوحى إليه به على كتابه فيكتبونه وفق ما يعرفونه من طريقة الكتابة. وليس من سبيل إلى غير ذلك. وما دامت طريقة الكتابة قد تطورت فإن تسويغ كتابة المصحف وفق الطريقة الدارجة طبيعي أيضا وخاصة بعد أن صار الاحتفاظ بالرسم العثماني ليكون المرجع والإمام مطبوعا ومحفوظا ومصورا كما قلنا ممكنا إلى ما شاء الله.
أما التناقض أو التباين في رسم المصحف العثماني نفسه فإنه في الحقيقة يبعث على العجب والحيرة ، حيث وردت كلمات واحدة أو متقاربة في سور مختلفة بل وأحيانا في سورة واحدة مختلفة الرسم في حين أن كثيرا منها متماثل في مواقع الصرف والنحو وإعراب الأواخر والمعنى كما ترى في الثبت التالي مثلا : لا أذبحنه لأعذبنه (١) بنبإ بنبأى (٢) سموات سماوات (٣) بنت بنات (٤) لشيء لشاىء (٥) ابن أم ابنؤم (٦) إحسانا أحسنا (٧) إصلاح
__________________
(١) سورة النمل ، الآية : [٢١].
(٢) سورة القصص الآية : [٣] ، وسورة الأنعام ، الآية : [٣٤].
(٣) سورة فصلت ، الآية : [١٢] ، وسورة الملك ، الآية : [٣].
(٤) سورة الصافات ، الآية : [١٥٣] ، وسورة الأنعام ، الآية : [١٠٠].
(٥) سورة النحل ، الآية : [٤٠] ، وسورة الكهف ، الآية : [٢٣].
(٦) سورة الأعراف ، الآية : [١٥٠] ، وسورة طه ، الآية : [٩٤].
(٧) سورة البقرة ، الآية : [٨٩] ، وسورة النساء ، الآية : [٣٦].