روي عن عروة قال سألت عائشة عن لحن (١) القرآن في قوله تعالى (إِنْ هذانِ لَساحِرانِ) (٢) (وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ) (٣) و (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ) (٤) فقالت يا ابن أختي هذا من عمل الكتاب أخطأوا في الكتاب (٥). وثانيهما عن عكرمة وغيره جاء فيه أنه لما كتبت المصاحف عرضت على عثمان فوجد فيها حروفا من اللحن فقال لا تغيروها فإن العرب ستغيرها أو قال ستعربها بألسنتها. وقد أنكر بعض العلماء الحديث المنسوب إلى عثمان وقالوا إن إسناده ضعيف مضطرب منقطع ، وإن عثمان جعل للناس إماما يقتدون به فلا يصح أن يكون قد رأى فيه لحنا وتركه لتقيمه العرب بألسنتها وكان أولى الناس بتصحيحه ، كما خرّج علماء آخرون ما ظن أنه لحن تخريجا نحويا سليما ، ومما قاله الزمخشري في صدد (وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ) [النساء : ١٦٢] لا تلتفت إلى ما زعموا من وقوعه لحنا في خط المصحف وربما التفت إليه من لم ينظر في الكتاب ولم يعرف مذاهب العرب وما لهم في النصب على الاختصاص من الافتنان ، وغبي عليه أن السابقين الأولين الذين مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كانوا أبعد همة في الغيرة على الإسلام وذبّ المطاعن عنه من أن يتركوا في كتاب الله ثلمة ليسدها من بعدهم وخرقا يرفوه من يلحق بهم (٦).
ومع ما في كلام الزمخشري من قوة خطابية فإننا لا نرى من المستحيل ولا مما لا يتسق مع طبائع الأمور ولا مما ينتقص من قيمة وصحة بل وقدسية المصحف أن يخطىء ناسخ المصحف الأول من المصاحف العثمانية في كتابة
__________________
(١) يقصد بالكلمة الغلط الصرفي أو النحوي.
(٢) سورة طه ، الآية : [٦٣].
(٣) سورة النساء ، الآية [١٦٢].
(٤) سورة المائدة ، الآية [٦٩].
(٥) أي في الكتابة والرواية من كتاب «الفرقان» لابن الخطيب ص ٤١ و «الإتقان» للسيوطي.
(٦) «الكشاف» الجزء ١ ص ٣٩٧.