هذا بيني وبين عبدي. ولعبدي ما سأل. فإذا قال : اهدنا الصّراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضّالين ، قال : هذا لعبدي ولعبدي ما سأل» (١).
تعليق على موضوع
الأحاديث القدسية
وهذا الحديث الأخير مما يسمى في اصطلاح علماء الحديث بالحديث القدسي ، لأن الكلام فيه مروي عن النبي صلىاللهعليهوسلم عن الله عزوجل ، وبهذه المناسبة نقول إن هناك أحاديث كثيرة مروية عن النبي صلىاللهعليهوسلم عن جبريل عن الله عزوجل ، أو عن النبي صلىاللهعليهوسلم عن الله عزوجل. ومنها ما ورد في الكتب الخمسة. ومن واجب المؤمن أن يؤمن ويصدق بكل ما ثبت صدوره عن النبي صلىاللهعليهوسلم. ولما كان القرآن يبلّغ عن الله تعالى بواسطة الوحي الرباني أو جبريل عليهالسلام فقد تكون مسألة الأحاديث القدسية موضع سؤال عن الفرق بين الوحي بالحديث القدسي والوحي بالقرآن ، وحكمة ذلك.
ولما كان هناك كما قلنا أحاديث قدسية صحيحة فالذي يمكن أن يقال في صددها أنها هي الأخرى من سرّ النبوة مثل سرّ الوحي القرآني الذي لا يدرك بالعقول العادية ويجب الإيمان به لأنه ثابت بنص القرآن والحديث النبوي مع فارقين أو لهما أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان يفرق بين الحديث القدسي وبين الوحي القرآني ، فيأمر بتدوين الوحي القرآن حال نزوله ويبلّغه كقرآن ، ويخبر بالحديث القدسي إخبارا مرويا عن الله ولا يأمر بتدوينه بل كان يدخل في متناول النهي النبوي كتابة غير القرآن حيث روى مسلم عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «لا تكتبوا عني غير القرآن ومن كتب شيئا فليمحه». ومن الحكمة الملموحة في هذا الحديث الحرص على عدم اختلاط أي كلام غير قرآني بالقرآن. وهو أمر ذو دلالة خطيرة في صدد عمق اليقين النبوي بالوحي القرآني وتمييزه عن أي معنى آخر
__________________
(١) التاج ج ٤ ، ص ٣٢ ـ ٣٣.