تعليق على (أَهْلِ الْكِتابِ)
وبمناسبة ورود تعبير (أَهْلِ الْكِتابِ) لأول مرة نقول إن التعبير يعني على ما يستفاد من الآيات القرآنية أهل الملل التي عندها كتب منسوبة إلى الله تعالى أنزلها على أنبيائه وفيها شرائعه ووصاياه. ولقد تكرر ذكر أهل الكتاب كثيرا في القرآن بأساليب متنوعة ومواضع عديدة في مناسبات شتى. ويلحظ أن الكلام عنهم في الآية التي نحن في صددها يفيد أنهم لم يكونوا مناوئين وجاحدين للرسالة النبوية. وفي القرآن آيات عديدة تفيد ذلك أيضا ، وقد استشهد بهم في آيات كثيرة على صحة النبوة المحمدية والوحي القرآني ووحدة المصدر لكتبهم وللقرآن ولرسالة رسلهم وأنبيائهم ولرسالة النبي صلىاللهعليهوسلم ورسالته. وأسلوب الاستشهاد بهم يلهم أن شهادتهم في جانب النبي صلىاللهعليهوسلم هي المنتظرة. وفي آيات مكية عديدة ما يفيد أنهم شهدوا وصدقوا وآمنوا مثل آيات سورة القصص هذه : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (٥٢) وَإِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ قالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ) (٥٣) وآيات سورة الإسراء هذه : (قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً (١٠٧) وَيَقُولُونَ سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولاً (١٠٨) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً) (١٠٩) وآية سورة الأنعام هذه : (أَفَغَيْرَ اللهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) (١١٤) ، وآية سورة العنكبوت هذه : (وَكَذلِكَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هؤُلاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا الْكافِرُونَ) (٤٧) ، وآية سورة الرعد هذه : (وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَفْرَحُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُوا وَإِلَيْهِ مَآبِ) (٣٦) ، وهذه : (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) (٤٣) مع التنبيه على أن في السور المدنية ما يفيد أن من أهل الكتاب من