فاضل ويخشى العاقبة ويسارع إلى رضاء الله.
وينطوي في هذا تقرير كون الاستجابة والإعراض عملين اختياريين يقدم من يقدم عليهما بدافع من عقله وطبعه وخلقه وطويته. وفي الآية [٣] تأييد لهذا التقرير حيث تقرر أن الله قد أودع في الناس قابلية الهدى والسير في طريق الحق والخير والصواب. فمن لم ينتفع بها فيكون هو الشقي الذي اختار لنفسه طريق الضلال المؤدية إلى الهلاك والخسران والمتبادر أن هذا مبدأ من المبادئ المحكمة التي نوهنا بها في سياق تفسير سورة المدثر ، والتي ينبغي النظر في إشكالات بعض الآيات والعبارات القرآنية في ضوئها.
تعليق على جملة
(سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى إِلَّا ما شاءَ اللهُ)
ومسألة جواز النسيان على رسول الله صلىاللهعليهوسلم
وتعليقا على هذه الجملة نقول إن في القرآن والحديث ما يسيغ القول بجواز النسيان على رسول الله صلىاللهعليهوسلم. من ذلك آية سورة الكهف هذه : (وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ وَقُلْ عَسى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هذا رَشَداً) (٢٤) وقد روي أن الآيات نزلت لأن النبي صلىاللهعليهوسلم وعد بالإجابة على أمر دون أن يقول إن شاء الله على ما سوف نشرحه في مناسبتها. ومن ذلك آية سورة الأنعام هذه : (وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (٦٨) والنبي صلىاللهعليهوسلم داخل في مدى التعليم القرآني المنطوي في آية البقرة هذه : (رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا) [٢٨٦] على ما يلهمه سياقها.
ومن الحديث ما رواه الخمسة عن عبد الله قال : «إنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم صلّى الظهر خمسا فقيل له أزيد في الصلاة فقال وما ذاك قال صلّيت خمسا فسجد سجدتين بعد ما سلّم». وفي رواية قال : «أنا بشر مثلكم أذكر كما تذكرون وأنسى