والمكابرة الذي وقفه المشركون والرد على ما نسبوه إلى النبي صلىاللهعليهوسلم وشككوا فيه في صدد صلته بالله ووحيه ، وفي ذلك صورة من صور تطور التنزيل القرآني كما هو المتبادر.
ولقد أمرت الآية [٢٩] النبي صلىاللهعليهوسلم بالإعراض عمن تولى عن ذكر الله ولم يستجب إلى دعوته. والمتبادر أن ذلك أسلوب يقصد به تسلية النبي صلىاللهعليهوسلم إزاء ما بدا من الكفار من إعراض عن الدعوة واستغراق في متاع الحياة ؛ لأن الاستمرار في الدعوة هو مهمة النبي صلىاللهعليهوسلم الرئيسية بقطع النظر عن استجابة المدعوين وعدمها. والآية التي تلاها تدعم هذا القصد كما يلمح فيها ، فكأنما تقول للنبي صلىاللهعليهوسلم ألّا يغتم لموقفهم فإنه مظهر من مظاهر ضعف إدراكهم للأمور وعدم تقديارهم للعواقب ، وإن الله هو الحكم الفصل في من هو على الحق والهدى ومن هو في الغواية والضلال.
ولقد احتوت الآيات تلقينات جليلة عامة ومستمرة المدى في تنديدها الشديد المتكرر بالذين يتبعون هوى النفس ويسيرون وراء الظن والوهم وخاصة بعد أن تبدو أعلام الحق والهدى ويستبين الحق من الباطل والهدى من الضلال. فالحق والهدى يجب أن يكونا غاية مطلب المرء. وعليه أن يبذل جهده في الوصول إليهما واتباعهما. ولا يجوز له أن يا بني أحكامه على الظنون أو يصدر عن هوى النفس المنحرفة وأغراضها ومتعها.
شرح عقائد العرب في اللات والعزى ومناة والملائكة
وتعليقات في صدد ذلك
ونرى من المفيد أن نشرح ما تضمنته الآيات من إشارات إلى عقائد العرب وتقاليدهم قبل الإسلام ، لأن ذلك يساعد على فهم مقاصد الآيات وحكمة تنزيلها فنقول : إن مضمون الآيات وروحها تدل على الأمور التالية :
١ ـ إن العرب كانوا يعبدون اللات والعزى ومناة وكانوا يسمونها بأسمائها