وإن كان يصح القول أن الجملة في صدد التنويه بإبراهيم عليهالسلام لأنه وفّى ما أمره به الله تعالى.
تعليق على مبدأ
(وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى)
وعلى مبدأ :
(أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى)
وفي الآيات [٤٠ ـ ٤٢] توكيد قوي وحاسم للمبدأ القرآني الذي قررته بعض آيات هذه السورة والسور التي قبلها. وهو قابلية الإنسان للكسب والاختيار والسعي ومسؤوليته عن كسبه واختياره ، واستحقاقه الجزاء على ذلك وفاقا لما يكون فيه من خير وشر ونفع وضرّ وهدى وضلال.
وفي هذا ما فيه من تقوية الوازع الذاتي فيما يباشره الإنسان من عمل وفي عواقبه على ما ذكرناه في سياق سورة المدثر.
وفي الآيات زيادة مهمة ذات خطورة تلقينية عظمى في تقوية هذا الوازع وهي تقرير أثر سعي الإنسان في عاقبته وجزائه على طريق الحصر بحيث يوفر في نفسه عدم الجدوى في الاعتماد على شيء آخر غير العمل الصالح على سعة شموله لنيل ما وعد الله عباده الصالحين من سعادة الدنيا والآخرة.
ولقد استطرد المفسرون (١) في سياق تفسير هذه الآيات إلى مسألة انتفاع الموتى بما يهبه لهم الأحياء من عبادات وصدقات. وأوردوا في ذلك أحاديث نبوية عديدة ، منها حديث رواه الشيخان عن عائشة جاء فيه : «أن رجلا قال للنبي صلىاللهعليهوسلم إنّ أمي افتلتت نفسها ولم توص وأظنّها لو تكلّمت لتصدّقت أفلها أجر إن تصدّقت عنها قال نعم» (٢). وحديث رواه البخاري والترمذي والنسائي عن ابن عباس جاء
__________________
(١) انظر تفسير البغوي والخازن وابن كثير والطبرسي.
(٢) التاج ج ١ ص ٣٤٥ ـ ٣٤٦.