من عجلة لا ضرورة لها ، فأملى النبي صلىاللهعليهوسلم على كاتبه الآيات مع الآيات الأخرى ولو لم تكن متصلة بها موضوعا.
تعليق على دلالة آيات
(لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ) وأخواتها
وفي الآيات صورة رائعة من صور التنزيل القرآني ووحيه ترد لأول مرة في وقت مبكر نوعا ما من العهد المكي. وهي تثير معاني خطيرة وجليلة نبهنا إليها بإسهاب في كتابنا «القرآن المجيد». ومن ذلك أنها لا تدع محلّا لشك ولا مراء حتى من أشدّ الناس شكّا ومراء بأن النبي صلىاللهعليهوسلم كان مؤمنا أقوى الإيمان بأن الوحي الرباني هو الذي كان يوحى إليه بالقرآن ، لا على معنى أنه نابع من ذاته ، بل على معنى أنه من خارج ذاته ، يشعر به في أعماق نفسه ويستمع إليه بأذن بصيرته ويعيه بقلبه. ومن ذلك أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان شديد الحرص على ألّا يفلت منه آية أو كلمة أو حرف أو معنى مما يوحى إليه. ومن ذلك أنه كان يأمر بتدوين ما يوحى إليه حالا ويملي على كاتبه حتى ما هو تعليم خاص له بكيفية تلقيه وحي الله عزوجل وقرآنه ، لأنه وحي. ومن ذلك أن الوحي القرآني كان يقذف من الله رأسا في روع النبي صلىاللهعليهوسلم. ولما كان هناك آيات صريحة أخرى تفيد أن الله كان ينزل القرآن على النبي بواسطة جبريل الذي ذكر اسمه صراحة في هذا الصدد في آية سورة البقرة [٩٧] وذكر بوصف الروح الأمين في آية سورة الشعراء [١٩٣] وبوصف روح القدس في آية سورة النحل [١٠٢] (١) فيقال بسبيل التوفيق : إن في الآيات التي نحن في صددها صورة من صور الوحي القرآني وهي قذف هذا الوحي من الله عزوجل رأسا في روع النبي صلىاللهعليهوسلم. وهذه الصورة إحدى الصور الثلاث لاتصال الله سبحانه بمن يصطفيهم من عباده التي انطوت في آية سورة الشورى هذه : (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ
__________________
(١) أوردنا الآيات في سياق تفسير سورة القدر.