جزاء اختيارهم سلوك السبيل إليه وعملهم الصالح كما هو شأن الكفار بالنسبة للعذاب والهوان اللذين ينالونهما على ما ذكرناه في سياق الآيات السابقة.
تعليق على مدى جملة
(وَلَدَيْنا مَزِيدٌ)
ولقد تعددت الأقوال التي يرويها المفسرون في مدى جملة (وَلَدَيْنا مَزِيدٌ) منها أنه النعيم الذي لا يخطر ببال المؤمنين أو ما أعدّ لهم من الألطاف الزائدة وقرة العين. ومنها أنها رؤية الله تعالى والنظر إلى وجهه الكريم. وأوردوا في هذا الصدد أحاديث نبوية وصحابية متنوعة الرتب منها ما رواه أصحاب مساند الأحاديث الصحيحة ومنها ما لم يرووه (١). وقد تشاد الذين يسوغون رؤية الله تعالى ولا يسوغونه حول ذلك. ولقد شرحنا هذا الموضوع في تعليق كتبناه في سياق تفسير سورة القيامة شرحا يغني عن التكرار. ويتبادر لنا بالنسبة للعبارة التي نحن في صددها أنها لا تتحمل هذا التشاد وأن الأقوال الأولى في مداها هي الأوجه استهدافا للتشويق والترغيب والتطمين والله أعلم.
(وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشاً فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ (٣٦) إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (٣٧)) [٣٦ الى ٣٧]
(١) نقبوا في البلاد : ضربوا في البلاد وطوفوا.
(٢) محيص : مخلص أو مهرب.
الصلة بين هاتين الآيتين وسابقاتهما مستمرة. وفيهما عود على بدء في إنذار الكفار والتذكير بما كان من نكال الله في أمثالهم المكذبين السابقين الذين كانوا
__________________
(١) انظر تفسيرها في تفسير الطبري وابن كثير والبغوي والخازن والطبرسي والزمخشري.