[٣٨ و ٣٩ و ٤٠ و ٤٥] تطمين للنبي صلىاللهعليهوسلم وتسلية له عن تكذيب المكذبين ومواقفهم ؛ حيث تهيب به بأن يتحمل أقوالهم التي يسمعها الله عزوجل وأن يواصل تسبيح الله وعبادته ، وحيث تعلنه أنه لم يرسله ربّه لإجبار الناس على الاستجابة ، وأنه ليس عليه إلّا أن يذكّر بالقرآن من يخاف وعيد الله. وقد انطوى في الآيات تقرير مهمة النبي صلىاللهعليهوسلم. والإشادة بذوي النيات الحسنة والضمائر اليقظة الراغبين في الحق والهدى. فهم الذين من شأنهم أن ينتفعوا بما في القرآن من عظة وهدى. وقد انطوى في الآية الأخيرة خاصة توكيد مبدأ حرية التدين وترك الناس لاختيارهم وعدم الإكراه في الدين. فعلى النبي أن يدعو ويذكر وليس عليه أن يجبر. وقد تكرر هذا بأساليب متنوعة ، منها آيات سورة الغاشية هذه (فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ (٢١) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (٢٢)) وآية سورة يونس هذه : (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٩٩)) وآية سورة البقرة هذه : (لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى لَا انْفِصامَ لَها وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٥٦)).
كثرة الآيات المتضمنة تطمينا للنبي عليهالسلام وحكمتها
وبمناسبة ما انطوى في الآيات من تسلية النبي صلىاللهعليهوسلم نقول إن القرآن المكي احتوى آيات كثيرة جدا في هذا الباب وبأساليب متنوعة. فقد كان النبي صلىاللهعليهوسلم شديد الحرص على هداية قومه وكان حزنه وهمّه يشتدان كل ما رأى الزعماء يستمرون في مواقف الجحود والمناوأة والصدّ ، ورأى الأكثرية الساحقة من العرب ينكمشون عن الدعوة نتيجة لذلك طيلة العهد المكي الذي امتدّ ثلاث عشرة سنة مضافا إلى ذلك اضطهاد المستضعفين من المؤمنين وفتنتهم حتى ليكاد يهلك نفسه من الهمّ والحزن مما أشارت إليه آيات عديدة ، منها آية سورة فاطر هذه : (أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما