والشر. والمعنى الأول قد ورد بصراحة في آيات أخرى مثل آية سورة النور هذه : (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (٢٤)) وآية سورة فصلت هذه : (حَتَّى إِذا ما جاؤُها شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (٢٠)) مما سوف نعلّق عليه موضوعيا في مناسبة الآيات المذكورة.
تلقينات آيات سورة البلد الأولى
والآيات في جملتها قد احتوت تلقينات جليلة مستمرة المدى سواء في تنديدها بخلق المشاقة والمشاكسة أم بخلق التباهي بالمال والاعتداد بالنفس بحيث يظن المرء أنه أمنع من أن ينال بسوء وأقوى من أن يقدر عليه أحد ، وكذلك في تذكيرها ما في الإنسان من مواهب وقوى أودعها الله فيه من الواجب أن يستعملها في ما هو الأفضل والأقوم والأهدى.
(فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (١١) وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ (١٢) فَكُّ رَقَبَةٍ (١٣) أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١٤) يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ (١٥) أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ (١٦) ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (١٧) أُولئِكَ أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ (١٨) وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا هُمْ أَصْحابُ الْمَشْأَمَةِ (١٩) عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ (٢٠)) [١١ الى ٢٠]
(١) فلا : ذكر المفسرون لمعناها احتمالين الأول أن تكون بمعنى (هلا) التحريضية. والثاني أن تكون نافية. وكلا الاحتمالين سائغ. ونحن نرجّح الأول لأنه متسق مع السياق أكثر.
(٢) اقتحم : أقدم بقوة أو هجم على الأمر الصعب وقفز إليه أو اجتازه.
(٣) العقبة : أصل معناها الهضبة ، ويمكن أن تكون كناية عن الصعب الشاق ، وقد روى بعض المفسرين أنها واد في جهنّم ، ونحن نرجّح الكناية المذكورة.