أعماركم في أعمار من مضى إلّا كما بقي من النهار فيما مضى» (١). وحديث رواه الإمام أحمد عن بهز قال : «خطبنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فحمد الله تعالى وأثنى عليه ثم قال أمّا بعد فإنّ الدنيا قد آذنت بصرم وولّت حذّاء ولم يبق منها إلّا صبابة كصبابة الإناء يتصابّها صاحبها. وإنّكم منتقلون منها إلى دار لا زوال لها فانتقلوا منها بخير ما يحضرنكم فإنه قد ذكر لنا أن الحجر يلقى من شفير جهنّم فيهوي فيها سبعين عاما ما يدرك لها قعرا. والله لتملؤنّه. أفعجبتم والله لقد ذكر لنا أن ما بين مصرعي الجنة مسيرة أربعين عاما وليأتينّ عليه يوم وهو كظيظ الزّحام» (٢).
وهذا أمر مغيّب لا مجال للتخمين والتزيد فيه. والإيمان بما جاء في الآيات والأحاديث الثابتة واجب مع الوقوف عند ذلك. وقد يلمح من الحديث الأخير أن الحكمة من الإيذان بذلك هي حثّ الناس على تقوى الله وصالح الأعمال. والله سبحانه وتعالى أعلم.
وهناك أحاديث عديدة أخرى في علامات الساعة وأشراطها سنوردها ونعلّق عليها في مناسبات أكثر ملاءمة إن شاء الله.
شرح لكلمة (الحكمة) ومعانيها
في القرآن
وبمناسبة ورود هذه الكلمة لأول مرة في هذه السورة نذكر أن هذه الكلمة تكررت كثيرا في مناسبات متنوعة. وأصل الكلمة من «حكم» بمعنى فصل وقضى وبتّ وضبط. وقد جاءت في القرآن وفي اللغة العربية بالتالي لتعبر عن معان عديدة أخرى وإن لم تبتعد عن هذا الأصل حيث صارت تعبر عن كل قول وفعل وشيء يكون فيه صواب وسداد وحق وهدى وبرّ ومعروف وضبط وإتقان. ويكون بعيدا عن الطيش والرعونة والغلظة والجفاء والبغي والضرر والباطل. وفي سورتي
__________________
(١) النص من تفسير ابن كثير.
(٢) المصدر نفسه.