لمهمة النبي صلىاللهعليهوسلم وخطورتها العظيمة. وفيها صورة قوية للمقصد الرباني في إرسال الرسل. وفيها تنديد قوي لأولئك الذين يعرضون عما يدعون إليه من توحيد الله سبحانه والخضوع له ونبذ كل شريك معه. وفيها توكيد لما تكرر في القرآن من أن مهمة النبي هي الإنذار والدعوة وتبليغ ما يوحى إليه.
ولعلّه مما يندمج في هذا أن للناس عقولا وقابليات وقوى اختيارية ، لا يحتاجون معها في واقع الأمر إلّا إلى الدعوة والتنبيه والتوضيح والتحديد. فإن لم يستجيبوا بعد ذلك فلا يبقى على الله للناس حجة بعد الرسل الذين أنيط بهم ذلك ، على اعتبار أن العقل مهما بلغ يظلّ عاجزا عن الوصول إلى معرفة كل واجب وتبين كل حد من واجبات الله وحدوده ، ويظلّ هناك بعض الغوامض فيما يجب وما لا يجب ، وما يجوز وما لا يجوز.
والآيات بعد تنطوي على صورة رائعة نافذة لخلوص النبي صلىاللهعليهوسلم واستغراقه في الله ووحيه وعمق إيمانه وشعوره بصدق رسالته ، ونزول وحي الله عليه وإعلان ما أمره الله بإعلانه من ذلك.
استطراد إلى حديث نبوي مروي في سياق الآية
(ما كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى إِذْ يَخْتَصِمُونَ)
لقد روى الترمذي في سياق هذه الآية حديثا عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : «احتبس عنّا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ذات غداة عن صلاة الصبح حتى كدنا نترايا عين الشمس فخرج سريعا فثوّب بالصلاة فصلّى وتجوّز في صلاته فلمّا سلّم دعا بصوته قال لنا على مصافّكم كما أنتم ثم انفتل إلينا فقال أما إنّي سأحدّثكم ما حبسني عنكم الغداة. إني قمت من الليل فتوضّأت وصلّيت ما قدّر لي فنعست في صلاتي حتى استثقلت فإذا أنا بربّي تبارك وتعالى في أحسن صورة فقال يا محمد قلت لبّيك ربّ قال فيم يختصم الملأ الأعلى قلت لا أدري قالها ثلاثا فرأيته وضع كفّه بين