عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخل الجنة» (١). ومنها أنها بمعنى كما خلقكم ولم تكونوا شيئا فأحياكم كذلك يميتكم ثم يحييكم. ومنها أنها بمعنى كما خلقكم عند خروجكم من الدنيا يعيدكم كذلك بعد الموت. أو كما خلقكم أولا يعيدكم ثانية. وأوردوا في صدد القول الثاني حديثا رواه ابن عباس عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «أيها الناس إنّكم تحشرون إلى الله حفاة عراة غرلا» وقرأ (كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ)» [الأنبياء : ١٠٤] (٢). وقد رجّح الطبري أحد الأقوال الثلاثة الأخيرة واستبعد القولين الأولين واستأنس بآية سورة الأنبياء التي جاءت في الحديث النبوي الأخير. وفي هذا الصواب والسداد فيما هو المتبادر.
تعليق على جملة
(وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً)
وأسلوب الآيات يلهم أنها بسبيل الإشارة إلى مشهد من مشاهد الجدل قام بين النبي صلىاللهعليهوسلم والكفار حول بعض التقاليد والطقوس التي كان يمارسها العرب اقتداء بآبائهم ويعتقدون أنها متصلة بأوامر الله وشريعته.
وقد قال المفسرون (٣) في سياق تفسير الآيات إن العرب كانوا يستحلون الطواف حول الكعبة في حالة العري وإن الآيات نزلت في تقبيح هذه العادة واعتبارها فاحشة منكرة. وروح الآيات تلهم صحة ذلك. ومما روي في معرض ذلك (٤) أن العرب كانوا حينما يريدون الطواف يخلعون ثيابهم العادية ويلبسون ثيابا أو مآزر خاصة حتى لا يطوفوا بالثياب التي قد يكونون اقترفوا بها ذنبا فإن لم
__________________
(١) النص منقول عن ابن كثير.
(٢) انظر المصدر نفسه.
(٣) انظر تفسير الآيات في تفسير الطبري وابن كثير والبغوي والطبرسي والخازن.
(٤) انظر كتابنا عصر النبي عليهالسلام وبيئته قبل البعثة ص ١٩٧ وما بعدها مع كتب التفسير السابقة الذكر.