وجميع سكان المدن ونبت الأرض) مما فيه تساوق وتوافق.
استطراد إلى جريمة اللواط
ولقد استطرد المفسرون (١) إلى جريمة اللواط في الإسلام في سياق هذه الآيات التي يشار فيها إليها لأول مرة بصراحة فذكروا أن العلماء مجمعون على تحريمها وأوجبوا عقوبة الزنا على الفاعل والمفعول به وأوردوا أحاديث نبوية في ذلك منها حديث رواه أصحاب السنن عن ابن عباس عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به» (٢). وحديث رواه الترمذي عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «إنّ أخوف ما أخاف على أمتي عمل قوم لوط» (٣). ويلحظ أن الحديث الأول رتّب العقوبة متساوية على الفاعل والمفعول به بدون تفريق بين محصن وغير محصن للفاعل الذي يكون هذا واردا بالنسبة إليه. وقد يكون مردّ الحكمة النبوية في ذلك إلى بشاعة الجريمة وغير طبيعتها وإنسانيتها والله أعلم.
على أن هناك أقوالا أخرى في صدد هذه الجريمة وعقوبتها وردت في كتب التفسير. من ذلك عن علي أن اللوطي يقتل ثم يحرق لعظم المعصية. وعن عمرو بن عثمان أنه يلقى عليه حائط. وعن ابن عباس أنه يلقى من أعلى بناء في البلد. وهذه الأقوال في معنى القتل الوارد في الحديث النبوي. ومن ذلك قول يروى عن الشافعي وآخرين أن عقوبة اللواط هي نفس عقوبة الزنا فإن كان الفاعل محصنا رجم وإن كان غير محصن جلد مائة جلدة على ما سوف يأتي شرحه مسهبا في سياق تفسير الآية الثانية من سورة النور. ولم يذكر الراوي رأي هؤلاء في عقوبة المفعول به إذا لم يكن مكرها. والمتبادر أنه يجلد لأن مسألة الإحصان وغير
__________________
(١) انظر تفسير ابن كثير ورشيد رضا مثلا.
(٢) التاج ج ٣ ص ٢٥.
(٣) المصدر نفسه.