تعليق على الآية
(وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ)
والآيتين التاليتين لها وتلقيناتها
لقد شغلت هذه الآيات وما ورد فيها من أحاديث وروايات حيزا واسعا في كتب التفسير (١) حتى لقد استغرقت ثماني صفحات كبيرة من تفسير الطبري الذي روى أحاديث وروايات كثيرة مختلفة في الصيغ والطرق والرواة متّفقة في النتيجة معظمها عن ابن عباس. ومن ذلك رواية عنه عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : (أخذ الله الميثاق من ظهر آدم بنعمان ـ يعني عرفه ـ فأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها فنثرهم بين يديه كالذر ثم كلمهم فقال (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ (١٧٢) أَوْ تَقُولُوا إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ). منها عن ابن عباس فقط قال : «مسح ربّك ظهر آدم فخرجت كل نسمة هو خالقها إلى يوم القيامة فأخذ مواثيقهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى». ومنها عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم قال أخذوا من ظهره لما يؤخذ بالمشط من الرأس فقال لهم ألست بربكم قالوا بلى. قالت الملائكة شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنّا كنا عن هذا غافلين». ومنها عن ابن عباس : «إن الله بعد أن استخرج من ظهر آدم ذريته وأشهدهم على أنفسهم أعادهم إلى صلبه». وفي تفسير الطبري أمثال عديدة أخرى لهذه الأحاديث فاكتفينا بما تقدم. وفيه أحاديث أخرى تمزج بين استخراج الذرية من ظهر آدم وإشهادها وبين تقدير أرزاقها وآجالها وتقدير الجنة أو النار لها. ومنها ما لا يذكر فيه الإشهاد الرباني وجواب الذرية. من ذلك عن ابن عباس قال : «لما خلق الله آدم أخذ ذرّيته من ظهره مثل الذرّ فقبض قبضتين فقال لأصحاب اليمين ادخلوا الجنة بسلام وقال للآخرين ادخلوا النار لا
__________________
(١) انظر الطبري والبغوي وابن كثير والخازن والطبرسي ورشيد رضا والقاسمي والزمخشري.