في حقيقة الوضع
وفيه أقوال :
الأوّل : قال صاحب الكفاية قدسسره (١) : «الوضع نحو اختصاص اللفظ بالمعنى وارتباط خاصّ بينهما ناش من تخصيصه به تارة ومن كثرة استعماله فيه اخرى ، وبهذا المعنى صحّ تقسيمه إلى التعييني والتعيّني كما لا يخفى».
أقول : جملة «بهذا المعنى» تكون بمنزلة التعليل ؛ لعموميّة تعريف الوضع ، ومراده أنّ ماهيّة الوضع منقسمة إلى قسمين : تعييني وتعيّني ، والمقسم عبارة عن حقيقة وماهيّة الوضع ، مع أنّه ليس في الوضع التعيّني واضع في البين ، بل هو نتيجة قهريّة حاصلة من كثرة الاستعمال ، فإذا كان الوضع التعيّني مثل الوضع التعييني مشتركا في حقيقة الوضع فلا بدّ له من تعريف يشملهما معا ، وهو التعريف الذي ذكره قدسسره.
ولكن يرد عليه إشكالان :
الأوّل : أنّ بهذا التعريف لا تعرف ماهيّة الوضع وحقيقته ، بل هو إشارة إجماليّة ومعنى مبهم ، كقولنا في تحديد الإنسان ـ مثلا ـ : أنّه نحو موجود في الخارج.
الثاني : أنّ الاختصاص والارتباط المذكور من قبيل معاني أسماء المصادر ، فيعتبر كونه أمرا باقيا بين اللفظ والمعنى ، ولا محالة يكون لتحقّق هذا الارتباط منشأ وهو الوضع ، فليس الارتباط عين الوضع ، بل هو أمر مترتّب على الوضع ومتحصّل بسببه.
وبعبارة اخرى : المعرّف هو الوضع بمعنى المصدر وعمل الواضع ، والمعرّف
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ١٠.