والحاصل : أنّ الوضع إذا تعلّق بالفرد باعتبار وجود صفة فيه يسري إلى كلّ ما تجد فيه تلك الصفة.
والجواب الذي أشار إليه في الكفاية وصرّح به الآخرون : أنّه ليس هنا لحاظ واحد ، بل الواضع ينتقل من تصوّر جزئي إلى تصوّر كلّي ويضع اللفظ لمتصوّره الثاني ، فيكون الوضع والموضوع له عامّا ، وهذا خارج عن محلّ الكلام.
أقول : والحقّ في المسألة ما قال به المحقّق الرشتي قدسسره إذ الخاصّ يحكي عن العامّ ، والتغاير المفهومي لا يوجب عدم حكايته عنه ، فإنّ الإنسان والحيوان الناطق أيضا متغايران من حيث المفهوم ، وحمل أحدهما على الآخر لا يكون حملا أوّليّا عند بعض ، مع أنّه لم يقل أحد بعدم حكايتهما عن الآخر ؛ إذ الوجدان حاكم بأنّ لازم تصوّر الإنسان المتقيّد بالخصوصيّة الزيديّة تصوّر الإنسان ابتداء ولو بنحو دخول التقيّد ، ولا يمكن لحاظ هذا العنوان بدون لحاظ الإنسان ابتداء.
ولا يسمع كلام من يقول : بأنّا نتصوّر الرقبة المقيّدة بالإيمان بدون تصوّر كلّي الرقبة ؛ إذ التقيّد داخل في العنوان ؛ لأنّا نقول : إنّ المرحلة الاولى من مراحل تحقّق عنوان الأفراد عبارة عن وجود الماهيّة. والمرحلة الاخرى تحقّق خصوصيّات فرديّة ، ومعنى الفرديّة عبارة عن ماهيّة الإنسان المتخصّصة بخصوصيّات فرديّة ، ولا يمكن ملاحظة الفرديّة بدون ملاحظة الماهيّة قبلها. ومن المعلوم أنّا لا نشكّ دخالة الإنسانيّة في تسمية المولود ، ولذا لو سمّى الوالد ولده باسم عليّ ـ مثلا ـ لم يسأل ويقال له : لم لا تسمّيه باسم تفّاح أو طيّارة ـ مثلا ـ فإنّه ينادي بأعلى صوت بأنّ هذا إنسان ، وتسمية الإنسان بهذه