الذي وضعه الواضع للدلالة على الحال والاستقبال.
فإذا استعملت هذه الجملة في مقام الإنشاء يكون معناها : صار الإنشاء متحقّقا في الحال ، وإذا استعملت في مقام الإخبار يكون معناها : صار الإنشاء متحقّقا فيما مضى ، والفرق بينهما لا يكون إلّا من حيث الزمان فقط ، وعنوان الإنشاء في كليهما محفوظ ، والهيئة قد توجد الإنشاء في الحال وقد تحكي عمّا مضى ، وهذه الحكاية لا تكون إلّا لوضعها من ناحية الواضع كذلك ، وهكذا في سائر الجمل المشتركة بين الإخبار والإنشاء.
وربّما يشكل بأنّه سلّمنا هذا المعنى في كلمة «بعت» و «أنكحت» وسائر الجمل التي قد تستعمل في مقام الإنشاء ، وقد تستعمل في مقام الإخبار ، واخذت في مادّتها عنوان الإنشائيّة ، ولكنّا نرى كثيرا ما استعمال الجمل الخبريّة ، مثل : «يعيد صلاته» و «يغسل ثوبه» مكان «ليعد صلاته» و «ليغسل ثوبه» ، مع أنّه لا يؤخذ في مادّتها عنوان الإنشائيّة ، كما لا يخفى.
وجوابه : أنّ استعمال كلمة : «بعت» و «أنكحت» في مقام الإنشاء والإخبار استعمال حقيقي يحتاج إلى الوضع ، وأمّا استعمال الجمل المذكورة في المعنى الإنشائي فاستعمال مجازي وكنائي ، ولا نحتاج فيه إلى وضع خاصّ ، ولا يخفى أنّ كلامنا في الاستعمال الحقيقي لا المجازي.
حقيقة الإنشاء والإخبار
واعلم أنّ الإنشاء والإخبار وصفان للجملة ، والمفرد لا يتّصف بهذين العنوانين ، والمقسم لهما جملة يصحّ السكوت عليها. وأمّا حقيقة الإخبار فلا إبهام فيها ، بل أوضح من أن يبيّن ؛ لأنّه يحكي عن الواقع في الزمان الماضي أو الحال أو الاستقبال ، أو نفي الواقع كذلك ، وأمّا حقيقة الإنشاء فتحتاج إلى