الأمر الثالث
استعمال اللفظ في المعنى المجازي
اختلفوا في أنّ ملاك صحّة استعمال اللفظ في المعنى المجازي وما يناسب الموضوع له هل هو بالطبع أو بالوضع ، أعني ترخيص الواضع في الاستعمال لوجود علقة من العلائق؟ وجهان بل قولان ، أظهرهما أنّه بالطبع ، بشهادة الوجدان بحسن الاستعمال فيه ولو مع منع الواضع عنه ، وباستهجان الاستعمال فيما لا يناسبه ، ولو مع ترخيصه ، ولا معنى لصحّته إلّا حسنه ، هذا ما قال به صاحب الكفاية قدسسره (١).
لا يخفى أنّ أصل كلامه مؤيّد بوضع أعلام شخصيّة ؛ إذ الواضع ـ مثل الأب وغيره ـ يضع لفظ «حاتم» مثلا لابنه ، مع أنّه لا يعلم باتّصافه بصفة الجود في المستقبل ، وبعد اتّصافه بهذه الصفة يطلق هذا اللفظ على كلّ من اتّصف بصفة الجود بلا ترخيص من الواضع ؛ إذ الطبع يقبله ويحسّنه ، ولكنّ دليله قدسسره مجمل ، فإنّا لا نعلم أنّ التفسير من صحّة الاستعمال بحسن الاستعمال ينحصر في الاستعمالات المجازيّة أو يشمل الاستعمالات الحقيقيّة أيضا ، ولا بدّ من أعمّيّته في كلّ الاستعمالات ؛ إذ لا يعقل للصحّة معنيان ، وحينئذ هل يكون الحسن في
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ١٩.