شيء واحد ، إلّا أن تكون بينها جهة مشتركة كالنار والشمس في الحرارة ، فإن كان المعلول متّصفا بالوحدة كانت العلّة أيضا كذلك.
وهاتان المقدّمتان بضميمة أنّ كلّ علم عبارة عن مجموعة مسائله ، تنتجان :أنّ المؤثّر في الغرض الواحد هو المسائل ، ويترتّب غرض علم النحو ـ مثلا ـ على مسائل شتّى مثل : الفاعل مرفوع ، والمفعول منصوب ، والمضاف إليه مجرور ، وأمثال ذلك.
ثمّ إنّه لا يخفى أنّ لكلّ مسألة من مسائل العلم ثلاثة عناوين : وهي : الموضوع ، والمحمول ، والنسبة بينهما.
وإذا لاحظنا مسائل علم النحو ـ مثلا ـ قد يكون المحمول فيها واحدا مع وحدة الموضوع كالمرفوعات ، فإنّ الخبر في كلّ مسألة منها يكون مرفوعا ، وقد يكون الموضوع فيها واحدا والمحمول متعدّدا ، مثل : الأحكام الثابتة للفاعل نحو الفاعل مقدّم على المفعول ، والفاعل مرفوع ، ونحو ذلك ، وقد يكون الموضوع والمحمول في المسائل متباينين ، مثل : الفاعل مرفوع والمفعول منصوب ، والمضاف إليه مجرور ، وأمثال ذلك ، فلا بدّ من فرض جامع واحد مؤثّر في الغرض والمعلول الواحد.
ويحتمل في بادئ الأمر أنّ الجامع المؤثّر هو الجامع بين الموضوعات ، أو الجامع بين المحمولات ، أو الجامع بين النسب ، ولكنّ المفروض في القضايا أنّ عنوان المحمول عنوان عرضي يعرض على الموضوع ، ففي مثل «زيد قائم» الموضوع متّصف بوصف القيام ، فالمحمول عرض والموضوع معروض ، ومعلوم أنّ المعروض مقدّم من حيث الرتبة ؛ لأنّه يكون جامعا.
ومن هنا يعلم أنّ الموضوع مقدّم على النسب أيضا في جعله جامعا.