الأمر الخامس
وضع الألفاظ لذوات المعاني
واختلفوا في أنّ الألفاظ موضوعة للمعاني الواقعيّة أم المرادة؟ بحيث أن يكون للإرادة دخل فيها شرطا أو شطرا؟ فلا بدّ لنا ابتداء من تحرير محلّ النزاع ، وبيانه يتوقّف على ذكر أقسام الإرادة فاعلم أنّ الإرادة على أقسام :
أحدها : مفهوم الإرادة وما وضع له لفظ الإرادة ، ويعبّر عنه بالشوق المؤكّد المحرّك للعضلات نحو المراد ، وهذا هو الموضوع له لكلمة «الطلب» على فرض الاتّحاد بينهما ، وهذا هو ماهيّة الإرادة.
وثانيها : وجود الإرادة ، ومعلوم أنّ الوجود على قسمين ؛ إذ الماهيّة قد تتحقّق في الذهن ، وتحقّقها في الذهن عبارة عن التفات النفس إليها ولحاظ معناها. وقد تتحقّق في الخارج ، وتحقّقها في الخارج ووجودها الحقيقي عبارة عن الشوق الواقعي القائم بالنفس الذي هو محرّك للعضلات نحو المراد ، ولكنّ هذه الواقعيّة تكون من سنخ المعاني الحرفيّة ؛ لأنّها متقوّمة بالطرفين ، أعني المريد والمراد.
وثالثها : الإرادة الإنشائيّة أو الطلب الإنشائي على فرض اتّحادهما ، بأنّ المتكلّم ينشئ ويقصد به تحقّق ماهيّة الطلب.