الأمر السادس
وضع المركّبات
لا يخفى أنّ هذا النزاع إنّما يأتي فيما إذا كان للمركّب وضع غير وضع المفردات التي هي الهيئة التركيبيّة ، مثلا : في قولنا : «زيد قائم» قد وضعت كلمة «زيد» لمعنى خاصّ ، وكلمة «قائم» هيئة ومادّة لمعنى آخر ، والهيئة القائمة بهما لمعنى ثالث ، فلا إشكال في كلّ واحد من تلك الأوضاع الثلاثة ، وإنّما الكلام والإشكال في وضع مجموع المركّب من هذه المواد على حدة.
وامّا وضع هيئة الجملة فلا كلام في وضعها للنسبة أو الهوهويّة كما مرّ ، ومنشأ هذا النزاع قول بعض النحويّين بأنّه كما أنّ للمفرد وضعا كذلك للمركّب وضع ، وإن احتمل بعض أنّ مراد القائل بالوضع وضع هيئة المركّب لا هو بنفسه ، فيكون النزاع لفظيّا ، ولكنّ صريح كلام بعض آخر منهم يأبى عن هذا الاحتمال ، وهو أنّ مفاد مجموع المركّب هو معنى هيئة الجملة الخبريّة.
إذا عرفت هذا فنقول : إنّ الصحيح هو أنّه لا وضع للمركّب بما هو مركّب ، واستدلّ له بدليلين :
الأوّل : أنّ الواضع لمّا رأى تحقّق الحقائق الكلّيّة والجزئيّة في العالم وأنّه لا يمكن الإشارة العمليّة إليها ، أو ممكن ولكنّها توجب العسر والحرج ، ولذا وضع