الأمر السابع
علامات الحقيقة والمجاز
وقد ذكروا للحقيقة علائم :
منها ـ التبادر :
لا يخفى أنّ المتقدّمين من الاصوليّين عدّوا إحدى العلامات تنصيص أهل اللّغة ، ولكنّ المتأخّرين منهم لم يتعرّضوا له ، ولعلّه لعدم حجّيّته عند الأكثر ، وأمّا التبادر فلا بدّ لنا من البحث فيه في جهات :
الاولى ـ في معنى التبادر : وهو خطور المعنى في الذهن بمجرّد سماع اللفظ من غير قرينة وتقرّره فيه ، لا سبقة حصول المعنى في الذهن بالنسبة إلى معنى آخر وإتيان الآخر بعده.
الجهة الثانية ـ في مورد التبادر : واعلم أنّه لا ينحصر في الاستعمالات الدائرة بين الحقيقة والمجاز أو الصحّة والبطلان ، بل يعرف منه المعنى الحقيقي ولو لم يكن استعمال ، فإذا كان أحد جاهلا باستفادة معنى اللفظ منه ـ كما لو شكّ في كون الماء موضوعا للجسم السيّال البارد بالطبع ـ فيكون التبادر طريقا لإثباته ، فيقول لأهل اللّغة العربيّة في مقام الاستعلام : «جئني بماء» ويلاحظ ما يتبادر عنده ، فهو الموضوع له ، فتكون موارد الاستفادة من التبادر وسيعة.