الأمر العاشر
الصحيح والأعمّ
إنّ الأصل في استعمالات الشارع لألفاظ العبادات هو الصحيح أو الأعمّ ، ولا يخفى أنّه بحث مستقلّ في مقابل بحث الحقيقة الشرعيّة ولازمه أنّ جميع الأقوال والآراء في البحث السابق تأتي في هذا البحث أيضا ، وإلّا لم يكن له استقلال ، فقد تحقّق في البحث السابق بعد التتبع أنّ الأقوال أربعة : أحدها : القول بالوضع التعييني لألفاظ العبادات للمعاني المستحدثة ، وثانيها : القول بالوضع التعيّني الذي نسمّيه باسم «الحقيقة التعيّنيّة» ثالثها : استعمال الألفاظ في المعاني المستحدثة دائما بصورة المجاز بدون الوضع التعيّني والتعييني ، رابعها : القول بأنّ ألفاظ العبادات استعملت في لسان الشارع في معانيها اللغويّة ولكنّه أراد المعاني الشرعيّة من جهة نصب القرينة الدالّة على ذلك بنحو تعدّد الدال والمدلول ، وهو المنسوب إلى الباقلّاني (١).
إذا عرفت هذا فنقول : لا بدّ لنا في هذا البحث من عنوان جامع للآراء المذكورة ، فإنّه بحث مستقلّ كما هو المفروض ، ولكنّ التعبير الدائر بين الاصوليّين في عنوان هذا البحث عبارة عن أنّ ألفاظ العبادات هل هي
__________________
(١) انظر : كفاية الاصول ١ : ٣٥ ، شرح العضدي على مختصر الاصول ١ : ٥١ ـ ٥٢.