إلى العلم بها أصلا.
ولو قيل : إنّ الجامع إذا كان مبهما فكيف ينسبق إلى الذهن ولا مناسبة بين إبهام الشيء وتبادره إلى الذهن كما لا يخفى؟!
قلت : لا مانع من ذلك ، فإنّا نرى كثيرا ما تبادر معنى في الذهن مع أنّ كنهه وحقيقته مبهم عندنا ، ومنها حقيقة الوجود ، فإنّها بكنهها غير معلومة عندنا ، مع أنّها من أظهر المعاني والمفاهيم كما هو المعلوم.
نعم ، لقائل أن يقول : إنّه لا يعقل تصوير الجامع على القول بالصحيح أصلا ، بل هو مستحيل ، كما أشار إليه صاحب الكفاية وأجاب عنه.
وتوضيح ذلك : أنّ الجامع إمّا أن يكون أمرا مركّبا أو أمرا بسيطا ، وكلاهما أمر غير معقول ، فإن كان الجامع أمرا مركّبا ذا أجزاء ففيه : أوّلا : أنّ كلّ ما فرض جامعا فله حالتان : أنّه إذا كان واجدا لجميع الأجزاء فيتّصف بالصحّة ، وإذا كان فاقدا لبعض الأجزاء فيتصف بالفساد.
وثانيا : أنّه يكون في حالة صحيحا وفي حالة فاسدا.
وإن كان الجامع أمرا بسيطا فهو إمّا أن يكون عنوان المطلوب أو ملزوما مساويا له ، والأوّل غير معقول ؛ لبداهة استحالة أخذ ما لا يتأتّى إلّا من قبل الطلب في متعلّقه ، مع استلزامه الترادف بين لفظة «الصلاة» والمطلوب ، وعدم جريان البراءة مع الشكّ في أجزاء العبادات وشرائطها ، والشكّ بين الأقلّ والأكثر الارتباطيّين ؛ لعدم الإجمال حينئذ في المأمور به في العبادات ، وإنّما الإجمال والشكّ فيما يتحقّق به ـ أي في المحصّل ـ وفي مثله لا مجال للبراءة كما حقق في محلّه ، مع أنّ المشهور القائلين بالصحيح قائلون بها في الشكّ في أجزاء العبادات.