والثاني أيضا غير معقول ؛ إذ لا بدّ لنا في مقام العمل من القطع بتحقّق عنوان ملازم للمطلوب ، ففي صورة الشكّ في جزئيّة السورة ـ مثلا ـ لا بدّ من القول بالاحتياط ؛ إذ هو شكّ في المحصّل ، مع أنّهم قائلون بالبراءة في الشكّ فيها.
وإذا لم يمكننا الجواب عن هذا الإشكال فهو أقوى شاهد على بطلان القول بالصحيح ، فلا مناص عن القول بالأعمّ ؛ إذ الوضع والموضوع له في ألفاظ العبادات كانا عامّين ، فلا بدّ لنا من الجامع ولو بصورة الإمكان.
ولكنّ المحقّق الخراساني قدسسره (١) قال في مقام الجواب عنه : إنّا نختار من الفروض الثلاثة الشقّ الأخير منها ، وهو كون الجامع أمرا بسيطا وملازما مساويا للمطلوب ، وفي صورة الشكّ في الأجزاء نقول بجريان البراءة أيضا.
بيان ذلك : أنّ مورد جريان أصالة الاشتغال هو صورة تعدّد وجود السبب والمسبّب وامتيازهما وجودا ، كالطهارة من الحدث فإنّها ـ بناء على كونها حالة نفسانيّة ـ مغايرة وجودا لأسبابها من الغسل والوضوء ونحوهما ، فإذا شكّ في دخل شيء جزء أو شرطا في أسباب الطهارة فمحصّلها تجري فيه أصالة الاشتغال.
وأمّا الجامع في المقام فيكون متّحدا مع المركّبات الخارجيّة وجودا ـ كاتّحاد الطبيعي مع أفراده ـ حيث لا وجود له إلّا بوجود أفراده ، فالشكّ في الأجزاء لا محالة يرجع إلى الشكّ في دخل شيء في نفس المأمور به ، فتجري فيه البراءة.
فالجامع هو مفهوم واحد بسيط ومتّحد مع الأفراد المختلفة زيادة ونقيصة بحسب اختلاف الحالات. ومن هنا نرجع إلى ثمرة النزاع بين الصحيحي
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ٣٦ ـ ٣٧.