ولكنّ المحقّق النائيني قدسسره قال بترتّب هذه الثمرة على المسألة ، وأنّه لا بدّ للصحيحي من الرجوع إلى قاعدة الاشتغال ، كما أنّه لا بدّ للأعمّي من الرجوع إلى البراءة ، فإنّ تصوير الجامع على القول بالصحيح لا يمكن إلّا بتقييد المسمّى ، إمّا من ناحية العلل والمصالح ـ مثل عنوان الناهي عن الفحشاء والمنكر ونحوه من علل تشريع الصلاة ـ وإمّا من ناحية الآثار والمعلولات ، مثل قوله عليهالسلام : «إن قبلت الصلاة قبل ما سواها». وحيث إنّ هذه العناوين خارجة عن المأتي به ، ومأخوذة في المأمور به ، وبناء على ذلك فالشكّ في اعتبار شيء جزءا أو شرطا لا محالة يوجب الشكّ في حصول العناوين المذكورة ، فيرجع الشكّ حينئذ إلى الشكّ في المحصّل ، والمرجع فيه قاعدة الاشتغال دون البراءة.
وكان لاستاذنا السيّد الإمام ـ دام ظلّه ـ (١) كلام آخر هاهنا. ومحصّله : أنّ الصحيحي إذا لم يمكن له تصوير الجامع إلّا بتقييد المسمّى بعنوان بسيط خاصّ إمّا من ناحية علل الأحكام ، أو من ناحية معلولاتها كما قال به صاحب الكفاية قدسسره فلا مناص له إلّا الرجوع إلى قاعدة الاشتغال ، كما أنّه للأعمّي لا مناص إلّا الرجوع إلى البراءة ، ولكن حسب ما قلنا في تصوير الجامع لا إلزام في اختيار قاعدة الاشتغال أصلا ، بل يجوز لنا القول بجريان أصالة البراءة.
توضيح ذلك : أنّه قد ذكرنا فيما تقدّم أنّ الجامع عبارة عن المركّب الاعتباري الشرعي الذي لا يكون محدودا من حيث الهيئة والمادّة ، إلّا أنّه يترتّب عليه غرض خاصّ وأثر مخصوص ، كالدار التي وضعت لمركّب كذا لغرض السكونة فيها من دون تقييده بمادّة خاصة وهيئة مخصوصة ، وحينئذ
__________________
(١) تهذيب الاصول ١ : ٧٨ ـ ٨١.