إذا شكّ في جزئيّة شيء للمأمور به أو شرطيّته فلا مانع من جريان أصالة البراءة فيه عقلا ، ولا يرجع الشكّ هنا إلى الشكّ في محصّل المسمّى ؛ إذ ليس له وجود سوى وجود الأجزاء المحقّق في الخارج.
وبعبارة اخرى : كان المأمور به متّحدا مع المأتي به من حيث الوجود ، فيكون متعلّق الأمر تسعة أجزاء منه متيقّنة ـ مثلا ـ وأمّا الجزء العاشر منه فمشكوك ، وهو مورد جريان أصل البراءة.
ولكنّ الظاهر ـ على ما ذكره المحقّق الخراساني في مقام تصوير الجامع ـ عدم إمكان جريان البراءة وإن قلنا باتّحاد الجامع مع الأجزاء الخارجيّة من حيث الوجود وإمكان الإشارة إليه من طريق العلل والمصالح ؛ إذ المبنى للقائلين بالبراءة في دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر هو عبارة عن انحلال العلم إلى المعلوم بالتفصيل والمشكوك ، بأنّ تعلّق الأمر بتسعة أجزاء ـ مثلا ـ مقطوع ، وتعلّقه بالسورة مشكوك ، فيجري في معلوم الجزئيّة حكم العلم وفي المشكوك حكم الشكّ ، وحكم الشكّ في التكليف هو جريان أصالة البراءة فيه.
ولكنّ المحقّق الخراساني بعد قوله بأنّ الجامع أمر بسيط ملازم للمطلوب لا يمكنه القول بالانحلال ؛ إذ لا معنى للانحلال في أمر بسيط ، بل مورده هو الأمر المركّب ، فالانحلال لا يناسب بساطة الجامع ؛ إذ هو فرع التركّب والتعدّد ، فلا بدّ له من الرجوع إلى الاشتغال.
والحاصل : أنّ جريان الاشتغال لا ينحصر بالشكّ في المحصّل والمحصّل وتعدّد الوجود بينهما ، بل لا بدّ له قدسسره أيضا من القول بالاشتغال بعد قوله بأنّ المأمور به أمر بسيط ؛ إذ المبنى للبراءة هو الانحلال ، ولا معنى له هنا كما قال به أيضا المحقّق النائيني قدسسره. هذا تمام كلامه دام ظلّه.